( يوم يتذكر الإنسان ما سعى (35)) ، يريد : أنه يتذكر ما عمل في الدنيا ، وأصل السعي هو الجد والاجتهاد ، والإقبال والإدبار والتحدر والإصعاد ، قال سيد العابدين علي بن الحسين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين :
فإن امرأ يسعى لدنياه جاهدا
ويذهل عن أخراه لا شك خاسر
ومعنى ( وبرزت الجحيم لمن يرى (36)) هو : أخرجت وأظهرت ، ومعنى ( لمن يرى ) هو : لمن يرى عز وجل ويعلم أنه يستحق العذاب.
ومعنى قوله : ( فأما من طغى (37)) هو جاوز الحد في ظلم نفسه بكفر أو فسق ، ( وآثر الحياة الدنيا (38)) قدمها على الآخرة ، ( فإن الجحيم هي المأوى (39)) أي : المنزل والمحل والمثوى.
( وأما من خاف مقام ربه ) أي : موقفه الذي يقوم فيه العباد للحساب.
( ونهى النفس عن الهوى (40) فإن الجنة هي المأوى (41)) أي : نهى نفسه عن إتباع الهوى ، فأما الهوى في نفسه فلا يقدر أحد على تركه ؛ لأن الهوى في ذاته إنما هو الشهوة ، والشهوة لا يقدر أحد على تركها ، وإنما يقدر على خلافها ، ويمكنه الامتناع من طاعتها ، وهذا من الاختصار ، وهو كثير موجود في القرآن ، وهو عند أهله بين غاية البيان ، فالحمد لله على ما علمنا من الفرقان ، ونسأله أن يزيدنا برحمته من البرهان.
( يسئلونك عن الساعة أيان مرساها (42)) أي : متى حلولها ، وهجومها على البرية ونزولها؟ وأيان في اللغة بمنزلة متى؟ قال الشاعر :
أيان تدفع بالرماح عليهم
يا مال قبل منيتي وذهابي
ومعنى قوله : ( فيم أنت من ذكراها (43)) ، يريد بذلك : التوقيف للناس على خوف رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وما هو فيه من الفزع والحزن عند ذكره لها ، وعند ما يخطر على باله من هولها.
ومعنى ( إلى ربك منتهاها (44)) ، أي : عند ربك نهايتها ووقت هجومها ،
Bogga 128