الله كثير ، وأصغرها بمن الله فكبير ، لا يظفر به إلا بمن الله ، ولا يصاب أبدا إلا بالله.
وتأويل ( فصل لربك وانحر (2) إن شانئك هو الأبتر ) (3): فأمر منه سبحانه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن يصلي صلاته كلها لربه ، وربه : فهو الله تبارك وتعالى الذي أنعم عليه من النعم والكرامة بما أنعم به ؛ لأنه قد يصلي كثير من المصلين لغير الله مما يعبدون ، ويصلي أيضا بعض أهل الملة بالرياء وإن كانوا يقرون ويوحدون.
وأمره سبحانه إذا نحر شيئا من النحائر قربانا لربه ، ألا ينحره عند نحره له إلا لله وحده ربه ؛ لأنه قد كان ينحر أهل الجاهلية للأصنام والأوثان ، ويشركون في نحائرهم بينها وبين الرحمن ، ويذكرون أسماء آلهتهم عند نحرها ، ويذكرون الله جل ثناؤه عند ذكرها ، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) [الأنعام : 121] ، يعني اسمه خالصا ، وما لم يكن له جل ثناؤه من النحائر والذبائح خالصا.
وأخبر سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن من شنأه فأبغضه من البشر ، فهو مخذول ذليل أبتر ، ليس له عز مع بغضه له وشنأته ولا منتصر ، إكراما من الله جل ثناؤه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى آله ، وإخزاء لمن شنئه وأبغضه ، ولم يؤد إلى الله في محبته فرضه ، فنحمد الله على ما خص به رسوله من كراماته ، وأوجب على العباد من محبته وولايته ، وقد قيل : إن الكوثر نهر في الجنة خص الله رسوله به ، وجعله جل ثناؤه في الجنة له ، وقالوا : إن شانئه الأبتر المذكور في هذه الآية قصده هو عمرو بن العاص السهمي خاصة ، وتأويل ذلك إن شاء الله وتفسيره ، هو كل من شنئه عمرو كان أو غيره (1).
وقوله تعالى ( فصل لربك وانحر ) معناه : صل بجمع ، وانحر بمنى ، ويقال : وانحر معناه استقبل القبلة ، وقوله تعالى : ( إن شانئك هو الأبتر ) معناه مبغضك ، وعدوك الذي لا عقب له ، وذلك العاص بن وائل السهمي ، ويقال : كعب الأشرف اليهودي. تفسير الغريب / 410.
Bogga 81