" لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه ولما بقي على وجه الأرض يهودي إلا مات "
ولما علم اليهود صدقه أحجموا عن تمنيه فرقا من الله أن يميتهم. وابدا: يقتضي استغراق أعمارهم خلافا لمن زعم أن ذلك مختص بعهد الرسول عليه السلام ثم ارتفع بوفاته أو كان ذلك في أيام كثيرة عند نزوله.
{ بما قدمت أيديهم } من تكذيب الأنبياء وقتلهم إياهم وعبادة العجل وغير ذلك من مخازيهم وأسند التقديم لليد إذ هي عظم الأعضاء في التصرف.
{ والله عليم بالظالمين } تهديد.
[2.96]
{ ولتجدنهم أحرص الناس على حياة } الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم. ووجد بمعنى علم يتعدى إلى اثنين وهو قول من وقفت على كلامه من المفسرين في تجد هنا ويحتمل أن يكون بمعنى لقي وأصاب وأحرص حال أن قلنا أن إضافته غير محضة وقد أضيفت إلى اسم معرفة فيجوز الافراد كهذا والمطابقة كقوله: أكابر مجرميها، وتعين الافراد ليس بصحيح خلافا لمن قاله والضمير عائد على اليهود.
و { الناس } أل فيه للجنس.
{ ومن الذين أشركوا } هم المجوس أو مشركوا العرب لأن من لا يؤمن ببعث فليس عنده إلا نعيم الدنيا أو بؤسها ونكر حياة أي أدنى حياة وهو أقل ما ينطلق عليه اللفظ وقرىء على الحياة ومن يحتمل أن يكون مندرجا تحت ما قبله مراعاة للمعنى، إذ معناه: إحرص من الناس. أو يكون التقدير واحرص من الذين أشركوا وحذف إحرص لدلالة السابق عليه وهو تخصيص بعد تعميم وفيه أعظم توبيخ لليهود إذ هم أهل الكتاب يرجون ثوابا ويخافون عقابا ويحتمل أن لا يكون مندرجا بل أخبر أنه من الذين أشركوا قوم.
{ يود أحدهم } وحذف المبتدأ كما حذف في قولهم: منا ظعن ومنا أقام. وعلى القول الأول يكون يود استئناف إخبار أحدهم، أي واحد منهم وهو عام عموم البدل. و " لو " عند بعض الكوفيين مصدرية بمعنى أن التقديران " يعمر " وعلى قواعد البصريين لو على بابها ومفعول يود محذوف أي التعمير لدلالة لو يعمر وجواب لو محذوف أي لسر لذلك ووده.
وقال الزمخشري: فإن قلت كيف اتصل لو يعمر بيود أحدهم؟ قلت: هو حكاية لودادتهم ولو في معنى التمني وكان القياس لو أعمر إلا أنه جرى على لفظ الغيبة قوله: يود أحدهم. كقولك: حلف بالله ليفعلن. انتهى كلامه وفيه بعض إبهام وذلك أن يود فعل قلبي وليس فعلا قوليا ولا معناه معنى القول، وإذا كان كذلك فكيف يقول هو حكاية لودادتهم إلا أن ذلك لا يسوغ إلا على تجوز وذلك أن يجري يود معنى يقول، لأن القول ينشأ عن الأمور القلبية فكأنه قال: يقول أحدهم عن ودادة من نفسه لو أعمر ألف سنة وما هو أي أحدهم وهو اسم ما إن كانت حجازية ومبتدأ إن كلت تميمية.
Bog aan la aqoon