345

{ كأن لم تكن بينكم وبينه مودة } التفاتة بليغة واعتراضا بين القول والمقول، بلفظ يظهر زيادة ف يقبح فعلهم، ولغير هذين كلام في الآية مذكور في البحر. وملخص ما قالوا: أن هذه الجملة التشبيهية إما أن يكون لهذا موضع من الإعراب نصب على الحال من الضمير المستكن في ليقولن أو نصب على المفعول بقولن على الحكاية فيكون من جملة المقول، وجملة المقول هو مجموع الجملتين جملة التشبيه وجملة التمني وضمير الخطاب للمتخلفين عن الجهاد وضمير الغيبة وبينه للرسول. وعلى الوجه الأول ضمير الخطاب للمؤمنين وضمير الغيبة للقائل، وإما أن لا يكون لها موضع من الإعراب لكونها اعتراضا في الأصل بين جملة الشرط وجملة القسم وأخرت، والنية بها التوسط بين الجملتين أو لكونها اعتراضا بين ليقولن ومعموله الذي هو جملة التمني وليس اعتراضا يتعلق بمضمون هذه الجملة المتأخرة بل يتعلق بمضمون الجملتين والضمير الذي للخطاب هو للمؤمنين وفي بينه للقائل واعترض به بين اثناء الجملة الأخيرة فلم تتأخر بعدها وإن كان من حيث المعنى متأخرا إذ معناه متعلق بمضمون الجملتين لأن معمول القول النية به التقديم لكنه حسن تأخيره كونه وقع فاصلة ولو تأخرت جملة الاعتراض لم يحسن لكونها ليست فاصلة والتقدير ليقولن يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما، كأن لم يكن بينكم وبينه مودة إذ صدر منه قوله: وقت المصيبة قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا. وقوله: وقت الغنيمة يا ليتني كنت معهم، وهذا قول ومن لم تسبق منه مودة لكم. قال ابن عطية: وكأن مضمنة معنى التشبيه ولكنها ليست كالثقيلة في الحاجة إلى الاسم والخبر وإنما تجيء بعدها الجمل. " انتهى ".

وهذا الذي ذكره غير محرر ولا على إطلاقه اما إذا خففت ووليها ما كان يليها وهي ثقيلة فالأكثر والأفصح أن ترتفع تلك الجملة على الابتداء والخبر ويكون اسم كان ضمير شأن محذوفا وتكون تلك الجملة في موضع خبر كأن وإذا لم ينو ضمير الشأن جاز لها أن تنصب الاسم إذا كان مظهرا وترفع الخبر هذا ظاهر كلام سيبويه، ولا يخص ذلك بالشعر فتقول: كأن زيدا قائم. قال سيبويه: وحدثنا من يوثق به أنه سمع من العرب من يقول أن عمر المنطلق وأهل المدينة يقرؤن وإن كلا لما يخففون وينصبون كما قالوا:

كأن ثدييه خفان

وذلك لأن الحرف بمنزلة الفعل فلما حذف من نفسه شيء لم يغير عمله كما لم يغير عمل لم يك ولم ابل حين حذف. " انتهى ". فظاهر تشبيه سيبويه أن عمر المنطلق بقوله: كأن ثدييه خفان جواز ذلك في الكلام وانه لا يختص بالشعر وقد نقل صاحب رؤوس المسائل إن كأن إذا خففت لا يجوز إعمالها عند الكوفيين وان البصريين أجازوا ذلك فعلى مذهب الكوفيين قد يتمشى قول ابن عطية في ان كأن المخففة ليست كالثقيلة في الحاجة إلى الاسم والخبر. واما على مذهب البصريين فلا لأنها لا بد لها عندهم من اسم وخبر وفي الآيتين تنبيه على أنهم لا يعدون في المنح إلا أعراض الدنيا يفرحون بما ينالون منها، ولا من المحن إلا مصائبها فيتألمون لما يصيبهم منها، كقوله تعالى:

فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه

[الفجر: 15]. الآية.

[4.74-76]

{ يشرون } يبتغون غرض.

{ الحياة الدنيا } وهو الفاني بنعيم الآخرة وهو الباقي.

{ فيقتل أو يغلب } عطف على فعل الشرط وبدأ بالأكثر ثوابا وهو القتل وجواب الشرط فسوف نؤتيه والأجر العظيم هنا زيادة الثواب. وقيل: الجنة.

Bog aan la aqoon