والثاني على سبيل النفي. فالمعنى أريد التوبة وانتفاء دخولي النار فلو كان الفعل المتسلط على المتعاطفين منفيا فكذلك، ولو قدرت هذا التقدير في الآية لم يصح.
لو قلت: لا يحل لكم أن لا تعضلوهن لم يصح إلا أن تجعل لا زائدة لا نافية وهو خلاف الظاهر، واما أن تقدر ان بعد لا النافية فلا يصح وإذا قدرت ان بعد لا كان من باب عطف المصدر المقدر على المصدر المقدر لا من باب عطف الفعل على الفعل فالتبس على ابن عطية العطفان وظن أنه بصلاحية تقدير ان بعد لا، يكون من عطف الفعل على الفعل، وفرق بين قولك: لا أريد أن تقوم وان لا تخرج، وقولك: لا أريد أن تقوم ولا أن تخرج. ففي الأول نفي إرادة وجود قيامه وإرادة انتفاء خروجه فقد أراد خروجه، وفي الثانية نفي إرادة وجود قيامه ووجود خروجه فلا يريد لا القيام ولا الخروج وهذا في فهمه بعض غموض على من لم يتمرن في علم العربية.
{ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } وهذا استثناء متصل ولا حاجة إلى دعوى الانقطاع فيه كما ذهب إليه بعضهم وهو استثناء من ظرف زمان عام أو من علة كأنه قيل: ولا تعضلوهن في وقت من الأوقات إلا وقت أن يأتين، أو لا تعضلوهن لعلة من العلل إلا أن يأتين. والظاهر أن الخطاب بقوله: ولا تعضلوهن للأزواج إذ ليس للولي حبسها حتى يذهب مما لها إجماعا من الأمة وإنما ذلك للزوج على ما تبين. والفاحشة هنا الزنا، قاله أبو قلابة والحسن. قال الحسن: إذا زنت البكر جلدت مائة ونفيت سنة وردت إلى زوجها ما أخذت منه.
وقال أبو قلابة: إذا زانت المرأة الرجل فلا بأس أن يضارها ويشق عليها حتى تفتدي منه.
وقال السدي: إذا فعلن ذلك فخذوا مهورهن. وقال عطاء: كان هذا الحكم ثم نسخ بالحدود. وقال ابن سيرين وأبو قلابة: لا يحل الخلع حتى يوجد رجل على بطنها. وقال قتادة: لا يحل له أن يحبسها ضررا حتى تفتدي منه، يعني وإن زنت. وقال ابن عباس وعائشة والضحاك وغيرهم: الفاحشة هنا النشوز، فإذا نشزت حل له أن يأخذ مالها. وهذا مذهب مالك. وقال قوم: الفاحشة البذاء باللسان وسوء العشرة قولا وفعلا.
{ وعاشروهن بالمعروف } هذا أمر بحسن المعاشرة. والظاهر أنه أمر للأزواج لأن التلبس بالمعاشرة غالبا إنما هو للأزواج وكانوا يسيئون معاشرة النساء.
وقوله: { بالمعروف } هو النصفة في المبيت والنفقة والاجمال في القول. ويقال: المرأة تسمن من أذنها.
{ فإن كرهتموهن } أي كرهتم معاشرتهن. وعسى معناها الترجي، ولذلك جاء الجواب للشرط بالفاء من قوله: فعسى.
و { شيئا } أي شيئا من أخلاقهن ولم يعد الضمير عليهن وهو كقوله:
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم
Bog aan la aqoon