306

{ فانكحوا } أمر إباحة.

{ ما طاب } ما هنا واقعة على النوع أي النوع الذي طاب لكم، ومن قال: ان ما هنا تقع على آحاد من يعقل جوز ذلك هنا، وكانت ما هنا مثل من ولما كان قوله: ما طاب.

{ لكم من النسآء } عاما في الاعداد كلها خص ذلك بقوله:

{ مثنى وثلث وربع } وظاهر هذا التخصيص تقسيم المنكوحات إلى أن لنا أن نتزوج اثنتين اثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا ولا يجوز لنا أن نتزوج خمسا خمسا ولا ما بعد ذلك من الأعداد، ولا يسوغ دخول أو هنا مكان الواو لأنه كان يصير المعنى أنهم لا ينكحون كلهم إلا على أحد أنواع العدد المذكور وليس لهم أن يجعلوا بعضه على تثنية وبعضه على تثليث وبعضه على تربيع لأن أو لأحد الشيئين أو الأشياء والواو تدل على مطلق الجمع فيأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها على طريق الجمع إن شاؤا مختلفين في تلك الأعداد وإن شاؤا متفقين فيها محظورا عليهم ما زاد.

وقرىء ثنى مقصورا وثلث وربع على وزن فعل ممنوع الصرف.

قال الزمخشري: إنما منعت الصرف لما فيها من العدلين عدلها عن صيغتها وعدلها عن تكررها وهي نكرات يعرفن بلام التعريف. يقال فلان: ينكح المثنى والثلاث والرباع. " انتهى ". وما ذهب إليه من أن اقتناعها الصرف لما فيها من العدلين إلى آخره لا أعلم أحدا ذهب إليه بل المذاهب المنقولة في علة منع الصرف أربعة: أحدها قول سيبويه والخليل وأبي عمرو وهو العدل والوصف.

والثاني: قول الفراء انها منعت للعدل والتعريف بنية الألف واللام فهي ممتنعة الاضافة لنية الألف واللام ومنع ظهور الألف واللام كونها في نية الاضافة.

الثالث: ما نقل عن الزجاج وهو أنها معدولة عن اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة وأنه عدل عن التأنيث.

الرابع: ما نقله أبو الحسن عن بعض النحويين أن العلة المانعة من الصرف هي تكرار العدل فيه لأنه عدل عن لفظ اثنين وعدل عن معناه وذلك أنه لا يستعمل في موضع تستعمل فيه الاعداد غير المعدولة. تقول: جاءني اثنان وثلاثة ولا يجوز جاءني مثنى وثلاث حتى يتقدم قلبه. جمع لأن هذا الباب جعل بيانا لترتيب الفعل فإذا قال: جاءني القوم مثنى أفاد أن ترتيب مجيئهم وقع اثنين اثنين فاما الاعداد غير المعدولة فإنما الغرض منها الاخبار عن مقدار المعدود دون غيره فقد بان بما ذكرنا اختلافهما في المعنى فلذلك جاز أن تقوم العلة مقام العلتين لإيجابهما حكمين مختلفين. " انتهى " ما قرر به هذا المذهب. والزمخشري لم يسلك شيئا من هذه العلل المنقولة فإن كان تقدمه سلف ممن قال ذلك فيكون قد تبعه والا فيكون ممن انفرد بمقالته. وأما قوله: يعرفن بلام التعريف يقال: فلان ينكح المثنى والثلاث والرباع فهو معترض من وجهين، أحدهما: زعمه انها تعرف بلام التعريف وهذا لم يذهب إليه أحد بل لم تستعمل في لسان العرب إلا نكرات، والثاني: انه قد مثل بها وقيد وليت العوامل في قوله: فلا ينكح المثنى والثلاث والرباع ولا تلى العوامل إنما يتقدمها ما يلي العوامل ولا تقع إلا خبرا، كما جاء: صلاة الليل مثنى مثنى أو حالا نحو ما طاب لكم من النساء مثنى، أو صفة نحو: أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع. وقوله: وبات يبغي الناس مثنى وموحد.

وقد تجيء مضافة قليلا نحو قوله: بمثنى الزقاق المنزعات وبالجزر.

Bog aan la aqoon