283

{ والرسول يدعوكم } أي يقول إلي عباد الله.

{ فأثبكم } كني به عن المعاقبة على فرارهم عن الرسول عليه السلام كما قال: تحية بينهم وجميع.

{ غما بغم } أي ملتبسا بغم ويريد بذلك كثرة الغم الذي حصل لهم. وقال ابن عباس: هما غمان الأول هو ما أصابهم من الهزيمة والقتل، والثاني إشراف خالد بخيل المشركين عليهم. قال الزمخشري: ويجوز أن يكون الضمير في فأثابكم للرسول أي فأساءكم في الاغتمام وكما غمكم ما نزل به من كسر الرباعية والشجة وغيرهما غمه ما نزل بكم فأثابكم غما اغتمه لأجلكم بسبب غم اغتممتموه لأجله ولم يتبكم على عصيانكم ومخالفتكم وإنما فعل ذلك ليسليكم وينفس عنكم.

{ لكيلا تحزنوا على ما فاتكم } من نصر الله.

{ ولا مآ أصبكم } من غلبة العدو. انتهى. هذا خلاف الظاهر لأن المسند إليه الأفعال السابقة هو الله تعالى وذلك في قوله: ولقد صدقكم الله وعده. وقوله: ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم. فيكون قوله: فأثابكم، مسندا إلى الله تعالى. وذكر الرسول إنما جاء في جملة حالية نعي عليهم فرارهم مع كون من اهتدوا على يديه يدعوهم فلم يجيىء مقصود الآن يحدث عنه إنما الجملة التي ذكر فيها في تقدير المفرد إذ هي حال. قال الزمخشري: فأثابكم عطف على صرفكم. انتهى. وفيه بعد لطول الفصل بين المتعاطفين والذي يظهر أنه معطوف على تصعدون ولا تلوون لأنه مضارع في معنى الماضي لأن إذ تصرف المضارع إلى الماضي إذ هي ظرف لما مضى، والمعنى: إذ صعد ثم وما لويتم على أحد فأثابكم لكيلا تحزنوا ليست لا زائدة وتقديره لكي تحزنوا كما ذهب إليه أبو البقاء. وقيل: لا باقية على النفي. فقال الزمخشري: لكيلا تحزنوا لتتمرنوا على تجرع الغموم وتضروا باحتمال الشدائد فلا تحزنوا فيما بعد على فائت من المنافع ولا على مصيب من المضار. انتهى. فجعل العلة في الحقيقة تبوتية وهي التمرن على تجرع الغموم والاعتياد لاحتمال الشدائد ورتب على ذلك انتفاء الحزن وجعل ظرف الحزن هو مستقبل لا تعلق له بقصة أحد بل لينتفي الحزن عنكم بعد هذه القصة. وقال ابن عطية المعنى لتعلموا أن ما وقع بكم هو بجنايتكم فأنتم آذيتم أنفسكم وعادة البشر أن جاني الذنب يصبر للعقوبة وأكثر قلق المعاقب وحزنه إنما هو مع ظنه البراءة بنفسه. " انتهى ". والذي يظهر أن الغم الكثير الذي عاقبهم الله به غلب على قلوبهم حتى لم يقع منهم حزن على ما فاتهم ولا ما أصابهم فشغلهم الغم عن ذلك.

[3.154-156]

{ أمنة } الامنة: إلا من. وقرىء بسكون الميم والظاهر أن أمنة مفعول أنزل.

و { نعاسا } بدل منه ويجوز أن يكون أمنة مفعولا من أجله ونعاسا مفعول من أنزل أي أنزل النعاس لأجل أمنكم لأن النعاس لا يكون معه خوف ولهذا قال في الأنفال:

إذ يغشيكم النعاس أمنة منه

[الآية: 11]، أي ليؤمنكم به.

Bog aan la aqoon