254

{ ذلك بأنهم قالوا } الآية روى أن بني إسرائيل كانوا يعتقدون استحلال أموال العرب لكونهم أهل أوثان فلما جاء الإسلام وأسلم من أسلم من العرب بقي اليهود فيهم على ذلك المعتقد فنزلت. وذلك إشارة إلى عدم أداء ما أؤتمن عليه والخيانة فيه.

{ في الأميين } أي في أخذ أموال الأميين وخيانتهم. { سبيل } أي اعتراض. { ويقولون على الله الكذب } أي القول الكذب يفترونه على الله بادعائهم ان ذلك في كتابهم. قال السدي وابن جريج وغيرهما: ادعت طائفة من أهل الكتاب أن في التوراة إحلال الله تعالى لهم أموال الأميين كذبا منهم وهي عالمة بكذبها فيكون الكذب المقول هنا هو الكذب المخصوص في هذا الفصل والظاهر أنه أعم من هذا فيندرج هذا فيه أي هم يكذبون على الله في غير ما شيء وهم علماء بموضع الصدق.

{ بلى } جواب لقولهم: ليس علينا في الأميين سبيل، والمعنى بلى عليهم في الأميين سبيل، { فإن الله يحب المتقين } جواب من أوفى فيحتمل أن يكون المتقين عاما يندرج فيه من أوفى أو كن بالمتيقن عمن أوفى فكأنه قال: يحبهم، ونبه على الصفة التي يحبهم لأجلها وهي التقوى.

{ إن الذين يشترون } نزلت في اليهود. { بعهد الله } أضاف المصدر إلى الفاعل أي بعهد الله إياهم وهو ما أخذه عليهم من الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم أو مضافا إلى المفعول أي بعهده الله. وتقدم تفسير شبيه هذه الآية في البقرة.

{ وإن منهم } أي من أهل الكتاب. { لفريقا يلوون } أي يفتلون. { ألسنتهم } بقراءته عن الصحيح إلى المحرف: قاله الزمخشري. وعن ابن عباس أيضا: هم اليهود الذين قدموا على كعب بن الأشرف غيروا التوراة وكتبوا كتابا بدلوا فيه صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذت قريظة ما كتبوه فخلطوه بالكتاب الذي عندهم. وقال ابن عطية: يحرفون ويتحيلون لتبديل المعاني من جهة اشتباه الألفاظ واشتراكها وتشعب التأويلات فيها؛ ومثال ذلك قولهم: راعنا واسمع غير مسمع، ونحو ذلك. وليس التبديل المحض. " انتهى ". والذي يظهر أن اللي وقع:

{ بالكتاب } أي بألفاظه لا بمعانيه وحدها كما يزعم بعض الناس بل التحريف والتبديل وقع في ألفاظ التوراة والمعاني تبع للألفاظ، ومن طالع التوراة علم يقينا أن التبديل في الألفاظ والمعاني لأنها تضمنت أشياء يجزهم العاقل أنها ليست من عند الله ولا ان ذلك يقع في كتاب الهي من كثرة التناقض في الاخبار والاعداد، ونسبة أشياء إلى الله تعالى من الأكل والمصارعة وغير ذلك، ونسبة أشياء إلى الأنبياء من الكذب والسكر بالخمر والزنا ببناتهم وغير ذلك من القبائح التي ينزه العاقل نفسه عن أن يتصف بشيء منها فضلا عن منصب النبوة. وقد صنف الشيخ علاء الدين علي بن محمد بن خطاب الباجي رحمه الله كتابا في السؤالات على ألفاظ التوراة ومن طالعه رأى فيه عجائب وغرائب وجزم بالتبديل لألفاظ التوراة ومعانيها هذا مع خلوها من ذكر الآخرة والبعث والحشر والنشر والعذاب والنعيم الآخرويين والتبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم وأين هذا من قوله تعالى:

الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل

[الأعراف: 157] الآية. وقوله تعالى وقد ذكر محمد وأصحابه:

ذلك مثلهم في التوراة

[الفتح: 29] وقد نص القرآن على ما يقتضي إخفاءهم لكثير من التوراة قال تعالى:

Bog aan la aqoon