{ إلا رمزا } ظاهره أنه استثناء منقطع، وقيل: متصل. والرمز الإشارة بالشفتين أو العين أو الحاجب أو اليد. وقرىء رمزا بضمتين وهو مصدر جاء على فعل. وقرىء رمزا بفتحتين وهو مصدر كقولهم: غلب غلبا. { واذكر ربك } الظاهر أنه باللسان. { وسبح } مفعوله محذوف. أي وسبحه والظاهر أنه أريد { بالعشي } آخر النهار. { والإبكار } أوله، إذ العشي: وقت ارتفاع الأعمال، والإبكار: وقت ابتدائها. وقرىء والإبكار بفتح الهمزة جمع بكر. تقول: آتيك بكرا أي بكرة.
[3.42-44]
{ وإذ قالت الملائكة يمريم إن الله اصطفك } لما فرغ من قصة زكريا وكان قد استطرد من قصة مريم إليها رجع إلى قصة مريم والمقصود تبرئة مريم عليها السلام مما رمتها به اليهود وفي نداء الملائكة لها باسمها تأنيس لها وتوطئة لما تلقيه إليها. قال الزمخشري: روي أنهم كلموها شفاها معجزة كزكريا عليه السلام لنبوة عيسى. " انتهى ". يعني بالإرهاص التقدم والدلالة على نبوته وهذا مذهب المعتزلة أن الخارق للعادة عندهم لا يكون على يد على غير نبي إلا إن كان في وقت نبي أو انتظار بعث نبي فيكون ذلك الخارق مقدمة بين يدي بعثه ذلك النبي.
{ وطهرك } قال ابن عباس: وطهرك من دم الحيض. وقال الزمخشري: اصطفاك أولا حين تقبلك من أمك ورباك واختصك بالكرامة السنية وطهرك مما يستقذر من الأفعال ومما قذفك به اليهود.
{ واصطفك } آخرا. { على نسآء العلمين } بأن وهب لك عيسى من غير أب ولم يكن ذلك لأحد من النساء. " انتهى ". وهو كلام حسن.
{ يمريم اقنتي } أمرت بالصلاة فذكر أركانها من القنوت وهو القيام والسجود وهو وضع الجبين على الأرض والركوع وهو انحناء الظهر، وقدم السجود على الركوع لأنه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. والعطف بالواو لا يدل على الترتيب الزماني. وقد يكون الركوع في ملتهم متأخرا عن السجود. قال ابن عطية: هذه الآية أشد اشكالا من قولنا: قام زيد وعمرو، لأن قيام زيد وعمرو ليس له رتبة معلومة. وقد علم ان السجود بعد الركوع فكيف جاءت الواو بعكس ذلك. " انتهى ". وهذا كلام من لم يمعن النظر في كلام سيبويه. فإن سيبويه ذكر أن الواو تكون معها في العطف المعية وتقديم السابق وتقديم اللاحق يحتمل ذلك احتمالات سواء ولا يترجح أحد الإحتمالات على الآخر. ومع في قوله : مع الراكعين، تقتضي الصحبة والاجتماع في إيقاع الركوع مع من يركع والظاهر التجوز في لفظة مع فتكون للموافقة في الفعل فقط لأنها كانت في عبادتها تنفرد من أهلها كما قال تعالى:
فاتخذت من دونهم حجابا
[مريم: 17]، وجاء الراكعين جمع سلامة ويعم المذكرين والمؤنثات بالتغليب.
{ ذلك } الإشارة إلى اخبار الله تعالى باصطفائه آدم وما بعد ذلك من القصص ذلك مبتدأ. " ومن أنباء " الخبر. " ونوحيه إليك " الضمير المنصوب عائد على الغيب أي من شأننا أن نوحي إليك بالمغيبات ولو كان الضمير عائدا على ذلك لكان بصيغة الماضي فكان التركيب أوحيناه إليك لأن الإيحاء به قد وقع.
{ وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم } روي أن منة لما ولدت مريم لفتها في خرقة وحملتها إلى المسجد فوضعتها عند الأحبار أبناء هارون وهم في بيت المقدس كالحجبة في الكعبة فقالت لهم دونكم هذه النذيرة فتنافسوا فيها لأنها كانت بنت أمامهم وصاحب قرباتهم وكان بغوا مائتان رؤوس بني إسرائيل وأحبارهم وملوكهم، فقال لهم زكريا: أنا أحق بها عندي خالتها.
Bog aan la aqoon