وأَجْمَعَ أَهْلُ المَدِينَةِ على أَنَّ فَائِدَةَ المَوَاشِي إذا أُضِيفَتْ إلى غَيْرِ نِصَابٍ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِجَمِيعِها الحَوْلَ مِنْ يَوْمِ الإسْتِفَادَةِ، وإنْ كَانَتِ المُسْتَفَادَةُ مَائِينَ.
* قالَ مَالِكٌ: (وَإذا كَانَتْ لِرَجُلٍ إبلٌ وبَقَرٌ وغَنَمٌ يَجِبُ في كُلِّ صِنْفٍ مِنْها الزَّكاةُ، ثُمَّ أفَادَ بَعِيرًَا أو بَقَرَة أو شَاةً صَدَّقَها مَعَ مَاشيتَه حِينَ يُصَدِّقُ مَاشِيَتَهُ) [٨٩٦].
[قالَ أَبو المُطَرِّفِ]: مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مَعَ الرَّجُلِ أَرْبَعَة وعِشْرُونَ مِنَ الإِبلِ فَعَلَيْهِ فِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فإن اسْتَفَادَ بَعِيرًَا وَاحِدًَا قَبْلَ أَنْ يُزَكِّيهَا بِيَوْمٍ وَجَبَ عليهِ فِيها بنْتُ مَخَاضٍ، وكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ تِسْعَة وثَلاَثُونَ بَقَرةً كَان عليهِ فِيها تَبِيع، فاذا أَفَادَ وَاحِدةً قَبلَ الحَوْلِ كَانَتْ عَلَيْهِ بَقَرةٌ مُسِنَّةٌ، ولَوْ كَانَ مَعَهُ عِشْرونَ ومَئةٌ شَاةٍ وَجَبَ عليهِ فِيهَا شَاتَانِ.
[قالَ- أَبو المُطَرِّفِ]: إنَّمَا كُرِهَ للرَّجُل أَنْ يَشْتَرِي صَدَقَةَ مَاشِيتِه مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ رُجُوعٌ فِيهْا، وقدْ قالَ النبيُّ ﷺ: "العَائِدُ في صَدَقَتِه كَالكَلْبِ يَعُودُ في قَيْئِه" (١).
قالَ أَبو حَنِيفَةَ لَا صَدَقَةَ في بَقَرِ الحَرْثِ والسَّوَانِي لأَنَّها كالآلةِ (٢).
* وقالَ أَهْلُ المَدِينَةِ: الصَّدَقَةُ فِيهَا، لأنَّهَا سَائِمَةٌ، وقدْ ثَبَتَ في حَدِيثِ الصَّدَقةِ: (أَنَّ في كُلِّ سَائِمَةٍ مِنَ الإبلِ والبَقَرِ والغَنَمِ صَدَقَةٌ) [٨٨٩].
* [قالَ أَبو المُطَرِّفِ]: أَبَاحَ النبيُّ ﷺ الخِلْطَةَ في المَوَاشِي بِقَوْلهِ: "ومَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فإنَّهُما يَتَرَاجَعَانِ بينهما بالسَّوِّيةِ" [٨٨٩]، وفِي الخِلْطَةِ رِفْقٌ لأَهْلِ المَوَاشِي.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: الذي يُوجِبُ الخِلْطَةَ بَيْنَ الخَلِيطَيْنِ هُوَ: أَنْ يَكُونَ الرَّاعِي، والفَحْلُ، والدَّلُو، والمَرَاحُ، والمَبيتُ وَاحِدًا، فَهِذه أَوْجُهُ الخِلْطَةِ، فإن انْخَرَم بَعْضُهَا لَمْ يُخْرِجْهَا ذَلِك مِنَ الخِلْطَةِ.