Tafsirka Muwatta
تفسير الموطأ للقنازعي
Baare
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
Daabacaha
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Goobta Daabacaadda
قطر
Noocyada
قالَ مَالِكٌ: وتَفْسِيرُ ذَلِكَ مِثْلُ قِرَاءَةِ عُمَرَ: ﴿فَامْضُوا إلى ذِكْرِ اللهِ﴾، مَكَانَ: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩]، ومِثْلُ: تَفْعَلُونَ وتَعْمَلُونَ ومَا أَشْبَه ذَلِكَ، يُجْعَلُ هذَا مَكَانُ هذَا إذا كَانَ المَعْنَى وَاحِدًَا.
* وقالَ صَالح بنُ إدْرِيس المُقْرِئُ (١): "أُنْزِلَ القُرْآنُ على سَبْعَةِ أَحْرُفٍ"، يعنِي: نَزَلَ علَى سَبْعَةِ لُغَات مُفْتَرِقَة في قُرَيْشٍ وفُصَحَاءِ العَرَبِ تَوْسِعَةً مِنَ اللهِ ﵎ ورَحْمَةً للعِبَادِ إذا كَانَ ذَلِكَ لَا يُحِيلُ مَعْنَاهُ.
فإنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ هذَا في مَعْنَى اللُّغَاتِ، ولُغَةُ هِشَامِ بنِ حَكِيمٍ هِي لُغَةُ عُمَرَ بنِ الخطاب، وقدْ أَنْكَرَ عُمَرُ على هِشَام مَا كَانَ يَقْرَأُ به؟ [٦٨٩]، فَيُقَالُ لِقَائِلِ ذَلِكَ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ في لُغَةٍ وَاحِدةٍ قِرَاءَاتٍ، كَقَوْلهِ ﵎: ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ [البقرة: ٥٨]، و﴿يغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾، و﴿تغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ بالنون، والياء، والتاء (٢)، وذَلِكَ لُغَةٌ وَاحِدَةٌ، فالحُرُوفُ السَّبْعَةِ مُتَّفِقَةُ المَعَانِي وإنْ كَانَتِ الأَلْفَاظُ مُخْتَلِفَةً، ثُمَّ جَمَعَ عُثْمَانُ المُسْلِمِينَ على مُصْحَفٍ وَاحِدٍ نَظَرًا مِنْهُ لَهُم حِينَ اخْتَلَفُوا في بَعْضِ القِرَاءَاتِ المُنَزُولةِ، وعَظُمَ اخْتِلاَفُهُم في ذَلِكَ، فَجَمَعَهُم على مُصْحَفٍ وَاحِدٍ مِمَّا لمْ يَخْتَلِفُوا فيهِ، وَوَافَقَهُ على ذَلِكَ عليُّ بنُ أَبي طَالب مَعَ سَائِرِ الصَّحَابةِ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ، فَلا سَبيلِ لأَحَدٍ اليومَ أَنْ يَقْرَأَ بِخِلاَفِ مَا أَجْمَعَ عليهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ.
قالَ صَالح بنُ إدْرِيس: وإنَّمَا جَازَ لَهُم إسْقَاطُ بَعْضِ القِرَاءَاتِ بعدَ أَنْ قُرِئَ بِها مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ تُفْرَضْ عَلَيْهِم القِرَاءَةُ بِجِمِيعِ القِرَاءَاتِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: "أُنْزِلَ القُرْآنُ علَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ"، فَلَمَّا رأَى أَصْحَابُ
(١) هو أبو سهل البغدادي المقرئ الثقة، توفي سنة (٣٤٥)، ينظر: تاريخ بغداد ٩/ ٣٣١، وتاريخ دمشق ٢٣/ ٢١٣. (٢) الذي قرأ بالنون ابن كثير وأبو عمرو البصري وعاصم وحمزة والكسائي، والذي قرأ بالياء نافع، وأما الذي قرأ بالتاء فهو ابن عامر الشامي، ينظر: البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة للعلامة عبد الفتاح القاضي ص ٨٤.
1 / 232