81

Tafsirka Miizaanka

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

Noocyada

Fasiraadda

وفي العيون، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون وعنده علي بن موسى فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك إن الأنبياء معصومون؟ فقال بلى، قال فما معنى قول الله تعالى: فعصى آدم ربه فغوى؟ قال: إن الله تعالى قال لآدم: اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما - ولا تقربا هذه الشجرة وأشار لهما إلى شجرة الحنطة فتكونا من الظالمين، ولم يقل لهما: لا تأكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسها فلم يقربا تلك الشجرة ولم يأكلا منها وإنما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما وقال: ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة وإنما نهاكما أن تقربا غيرها ولم ينهكما أن تأكلا منها إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ولم يكن آدم وحواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا فدلاهما بغرور فأكلا منها ثقة بيمينه بالله، وكان ذلك من آدم قبل النبوة ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار، وإنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي إليهم، فلما اجتباه الله وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة، قال الله عز وجل: "وعصى آدم ربه فغوى - ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى، وقال عز وجل: "إن الله اصطفى آدم ونوحا - وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين" الحديث.

أقول: قال الصدوق رحمه الله بعد نقل الحديث على طوله: والحديث عجيب من طريق علي بن محمد بن الجهم مع نصبه وبغضه وعداوته لأهل البيت (عليهم السلام) انتهى.

وما أعجبه منه إلا ما شاهده من اشتماله على تنزيه الأنبياء من غير أن يمعن النظر في الأصول المأخوذة فيه، فما نقله من جوابه (عليه السلام) في آدم لا يوافق مذهب أئمة أهل البيت المستفيض عنهم من عصمة الأنبياء من الصغائر والكبائر قبل النبوة وبعدها.

على أن الجواب مشتمل على تقدير في قوله تعالى: "ما نهيكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا"، إلى مثل قولنا: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة وإنما نهاكما عن غيرها وما نهاكما عن غيرها إلا أن تكونا إلخ.

على أن قوله تعالى "ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين"، وقوله تعالى "قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى" الآية، يدل على أن إبليس إنما كان يحرضهما على الأكل من شخص الشجرة المنهية تطميعا في الخلود والملك الذي حجب عنه بالنهي، على أن الرجل أعني علي بن محمد بن الجهم قد أخذ الجواب الصحيح التام بنفسه في مجلس المأمون كما رويناه في الحديث السابق، فالرواية لا تخلو عن شيء وإن كان بعض هذه الوجوه ممكن الاندفاع هذا.

وروى الصدوق، عن الباقر (عليه السلام) عن آبائه عن علي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: إنما كان لبث آدم وحواء في الجنة حتى أخرجا منها سبع ساعات من أيام الدنيا حتى أهبطهما الله في يومهما.

وفي تفسير العياشي، عن عبد الله بن سنان، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر: كم لبث آدم وزوجته في الجنة حتى أخرجهما منها خطيئة؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى نفخ في آدم روحه بعد زوال الشمس من يوم الجمعة ثم برأ زوجته من أسفل أضلاعه ثم أسجد له ملائكته وأسكنه جنته من يومه ذلك، فوالله ما استقر فيها إلا ست ساعات من يومه ذلك، حتى عصى الله تعالى، فأخرجهما الله منها بعد غروب الشمس وصيرا بفناء الجنة حتى أصبحا فبدت لهما سوآتهما وناداهما ربهما: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة فاستحيا آدم فخضع وقال: ربنا ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا فاغفر لنا، قال الله لهما اهبطا من سماواتي إلى الأرض، فإنه لا يجاورني في جنتي عاص ولا في سماواتي.

Bogga 82