Tafsirka Miizaanka
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
Noocyada
على أن من قرأ العهدين وتأمل ما فيهما ثم رجع إلى ما قصه القرآن من تواريخ الأنبياء السالفين وأممهم رأى أن التاريخ غير التاريخ والقصة غير القصة، ففيهما عثرات وخطايا لأنبياء الله الصالحين تنبو الفطرة وتتنفر من أن تنسبها إلى المتعارف من صلحاء الناس وعقلائهم، والقرآن يبرئهم منها، وفيها أمور أخرى لا يتعلق بها معرفة حقيقية ولا فضيلة خلقية ولم يذكر القرآن منها إلا ما ينفع الناس في معارفهم وأخلاقهم وترك الباقي وهو الأكثر.
تحدي القرآن بالإخبار عن الغيب
وقد تحدى بالإخبار عن الغيب بآيات كثيرة، منها إخباره بقصص الأنبياء السالفين وأممهم كقوله تعالى: "تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا" الآية: هود - 49، وقوله تعالى بعد قصة يوسف: "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون": يوسف - 102 وقوله تعالى في قصة مريم: "ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون": آل عمران - 44 وقوله تعالى: "ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون": مريم - 34 إلى غير ذلك من الآيات.
ومنها الإخبار عن الحوادث المستقبلة كقوله تعالى: "غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين": الروم - 2، 3، وقوله تعالى في رجوع النبي إلى مكة بعد الهجرة: "إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد": القصص - 85، وقوله تعالى "لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون" الآية: الفتح - 27، وقوله تعالى: "سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم": الفتح - 15، وقوله تعالى: "والله يعصمك من الناس": المائدة - 70، وقوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون": الحجر - 9، وآيات أخر كثيرة في وعد المؤمنين ووعيد كفار مكة ومشركيها.
ومن هذا الباب آيات أخر في الملاحم نظير قوله تعالى: "وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين": الأنبياء - 95، 97، وقوله تعالى: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض": النور - 55، وقوله تعالى: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم": الأنعام - 65، ومن هذا الباب قوله تعالى: "وأرسلنا الرياح لواقح": الحجر - 22، وقوله تعالى "وأنبتنا فيها من كل شيء موزون": الحجر - 19، وقوله تعالى: "والجبال أوتادا": النبأ - 7، مما يبتني حقيقة القول فيها على حقائق علمية مجهولة عند النزول حتى اكتشف الغطاء عن وجهها بالأبحاث العلمية التي وفق الإنسان لها في هذه الأعصار.
ومن هذا الباب وهو من مختصات هذا التفسير الباحث عن آيات القرآن باستنطاق بعضها ببعض واستشهاد بعضها على بعض ما في سورة المائدة من قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه،" الآية: المائدة - 54 وما في سورة يونس من قوله تعالى: "ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط إلى آخر الآيات": يونس - 47، وما في سورة الروم من قوله تعالى: "فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها" الآية: الروم - 30، إلى غير ذلك من الآيات التي تنبىء عن الحوادث العظيمة التي تستقبل الأمة الإسلامية أو الدنيا عامة بعد عهد نزول القرآن، وسنورد إن شاء الله تعالى طرفا منها في البحث عن سورة الإسراء.
Bogga 34