177

Tafsirka Miizaanka

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

Noocyada

Fasiraadda

وفيه، عن سماعة أيضا عن الصادق (عليه السلام) قال: الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله، به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس، والإيمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام.

أقول: وفي هذا المضمون روايات أخر وهي تدل على ما مر بيانه من المرتبة الأولى من الإسلام والإيمان .

وفيه، عن البرقي عن علي (عليه السلام): قال الإسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين، وفيه، عن كاهل عن الصادق: لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، وحجوا البيت، وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشيء صنعه الله أو صنعه رسول الله إلا صنع بخلاف الذي صنع أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين الحديث.

أقول: والحديثان يشيران إلى المرتبة الثالثة من الإسلام والإيمان.

وفي البحار، عن إرشاد الديلمي، وذكر سندين لهذا الحديث، وهو من أحاديث المعراج وفيه: قال الله سبحانه: يا أحمد هل تدري أي عيش أهنى وأي حياة أبقى؟ قال: اللهم لا، قال: أما العيش الهنيء فهو الذي لا يفتر صاحبه عن ذكري ولا ينسى نعمتي، ولا يجهل حقي، يطلب رضائي في ليله ونهاره، وأما الحياة الباقية، فهي التي يعمل لنفسه حتى تهون عليه الدنيا، وتصغر في عينه، وتعظم الآخرة عنده، ويؤثر هواي على هواه ويبتغي مرضاتي، ويعظم حق نعمتي، ويذكر عملي به، ويراقبني بالليل والنهار عند كل سيئة أو معصية، وينقي قلبه عن كل ما أكره، ويبغض الشيطان ووساوسه، ولا يجعل لإبليس على قلبه سلطانا وسبيلا، فإذا فعل ذلك أسكنت قلبه حبا حتى أجعل قلبه وفراغه واشتغاله وهمه وحديثه من النعمة التي أنعمت بها على أهل محبتي من خلقي وأفتح عين قلبه وسمعه، حتى يسمع بقلبه وينظر بقلبه إلى جلالي وعظمتي، وأضيق عليه الدنيا، وأبغض إليه ما فيها من اللذات، وأحذره من الدنيا وما فيها كما يحذر الراعي على غنمه مراتع الهلكة، فإذا كان هكذا يفر من الناس فرارا، وينقل من دار الفناء إلى دار البقاء، ومن دار الشيطان إلى دار الرحمن، يا أحمد ولأزيننه بالهيبة والعظمة فهذا هو العيش الهنيء والحياة الباقية، وهذا مقام الراضين فمن عمل برضاي ألزمه ثلاث خصال أعرفه شكرا لا يخالطه الجهل، وذكرا لا يخالطه النسيان، ومحبة لا يؤثر على محبتي محبة المخلوقين، فإذا أحبني أحببته وأفتح عين قلبه إلى جلالي، ولا أخفي عليه خاصة خلقي وأناجيه في ظلم الليل ونور النهار، حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين، ومجالسته معهم، وأسمعه كلامي وكلام ملائكتي وأعرفه السر الذي سترته عن خلقي، وألبسه الحياء، حتى يستحيي منه الخلق كلهم، ويمشي على الأرض مغفورا له، وأجعل قلبه واعيا وبصيرا ولا أخفي عليه شيئا من جنة ولا نار، وأعرفه ما يمر على الناس في القيامة من الهول والشدة وما أحاسب به الأغنياء والفقراء والجهال والعلماء، وأنومه في قبره، وأنزل عليه منكرا ونكيرا حتى يسألاه، ولا يرى غم الموت، وظلمة القبر واللحد، وهول المطلع، ثم أنصب له ميزانه، وأنشر ديوانه، ثم أضع كتابه في يمينه فيقرؤه منشورا، ثم لا أجعل بيني وبينه وترجمانا فهذه صفات المحبين" يا أحمد اجعل همك هما واحدا واجعل لسانك لسانا واحدا واجعل بدنك حيا لا يغفل أبدا من يغفل عني لم أبال في أي واد هلك.

وفي البحار، عن الكافي، والمعاني، ونوادر الراوندي، بأسانيد مختلفة عن الصادق والكاظم (عليهما السلام) واللفظ المنقول هاهنا للكافي قال: استقبل رسول الله: حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري فقال له: كيف أنت يا حارثة بن مالك النعماني؟ فقال: يا رسول الله مؤمن حقا، فقال له رسول الله: لكل شيء حقيقة فما حقيقة قولك؟ فقال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي، وأظمأت هواجري، وكأني أنظر إلى عرش ربي وقد وضع للحساب، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة وكأني أسمع عواء أهل النار في النار، فقال رسول الله " (صلى الله عليه وآله وسلم)": عبد نور الله قلبه أبصرت فأثبت.

Bogga 178