Tafsiirka Quraanka Kariimka

Mohammad Hussein Fadlallah d. 1431 AH
92

فليس لها مدلول معين ومضمون واضح. ومن هنا ، يبدأ التساؤل الداخلي الذي يهيئ النفس لانتظار ما بعدها لتستوضح معناها من خلال ذلك. وتتحقق الغاية من ذلك في سماعهم لآيات الله.

ونحن لا نمانع في معقولية هذا الرأي وانسجامه مع الأجواء العدائية التي كان المشركون يثيرونها أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما حدثنا القرآن الكريم عنه في قوله تعالى : ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) [فصلت : 26].

ولكن ذلك كان موقف المشركين في مكة ، بينما يغلب على السور التي اشتملت على هذه الكلمات الطابع المدني في نزولها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي المدينة لم تكن هذه الأجواء مثارة ، لأن المشكلة لم تكن مطروحة هناك ، فلا يصلح هذا الرأي لتفسير هذه المفردات.

الرأي الثالث : ما ذهب إليه العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان حيث قال : إن بين هذه الحروف المقطعة وبين مضامين السور المفتتحة بها ارتباطا خاصا ، ويؤيد ذلك ما نجد أن سورة الأعراف المصدرة ب ( المص ) في مضمونها ، كأنها جامعة بين مضامين الميمات وص. وكذا سورة الرعد المصدرة ب ( المر ) في مضمونها ، كأنها جامعة بين مضامين الميمات والراءات. ويستفاد من ذلك أن هذه الحروف رموز بين الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم خفيت عنا لا سبيل لأفهامنا العادية إليها ، إلا بمقدار أن نستشعر أن بينها وبين المضامين المودعة في السورة ارتباطا خاصا (1).

ونلاحظ على ذلك ، أن هذا الرأي لا يملك أي وضوح للمضمون الذاتي لهذه الحروف ، لأن الارتباط الذي يتحدث عنه لا دليل عليه إلا بالاستشعار الذي لا يوحي بأية فكرة معينة ، وقد نتساءل : ما هي الحكمة في تنزل رموز خفية بين الله ورسوله ، لا يملك الناس أن يفهموها ، ولا يعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على

Bogga 101