191

في كل حركته وحيويته بالعبودية لله ، فقد ركب فيه العناصر التي تصرخ في ذاتها بوحدانيته وتشهد بربوبيته ، وهذا ما نطلق عليه الميثاق الوجودي ، ومن خلال الالتزامات التفصيلية في مسئولياته مع الناس ، ومع الحياة العامة والخاصة ، التي تنطلق طاقاته لتمثل الالتزام الواقعي بانفتاحه على الآخرين ، وعلى مفردات الواقع التي هي بحاجة إليه ، وهذا ما يعني بالدرجة الأولى إعطاء العهد من نفسه على أن يكون الإنسان المسؤول عن كل شيء يتكامل معه أو يحتاج إليه.

وهكذا نجد أن الله يطالب عباده بقوله تعالى : ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم ) [البقرة: 40] فهناك عهد بين الله وبين عباده بأن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا وأن يطيعوه ولا يعصوه ، وأن يستقيموا على خطه وشريعته التي تمثل الاستقامة على خط توحيده ، ليرعاهم ويرزقهم ويرحمهم ويمنحهم ثوابه وجنته ، وهذا ما نتمثله في قوله تعالى : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين* وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) [يس : 60 61]. وقال تعالى : ( وكان عهد الله مسؤلا ) [الأحزاب : 15] وقال تعالى : ( وبعهد الله أوفوا ) [الأنعام : 152] وقال : ( الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق ) [الرعد : 20] فدعا إلى الوفاء بعهده في شمولية الالتزام بخط العبودية المنطلق مع التوحيد في كل خطوات الإنسان وتطلعاته في الحياة. وتحدث عن الذين ( ينقضون عهد الله ) [البقرة : 27] وعن الذين ( أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ) [البقرة : 100].

وتحدث عن نفسه أنه الإله الذي لا يفي أحد بعهوده كما يفي بعهده : ( ومن أوفى بعهده من الله ) [التوبة : 111] وقال تعالى : ( فلن يخلف الله عهده ) [البقرة : 80].

Bogga 200