137

للأشياء ، بل يظلون في ارتباط مجنون بالأطماع والشهوات ، مما يجعل الموازين تتحرك في اتجاه القيم الشريرة في تقييم الواقع وتحليله.

** المنافقون والشعور بالاستعلاء

( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ) هذه إحدى الملامح البارزة للمنافقين ، وهي مواجهة الرأي العام بمشاعر الكبرياء والعظمة التي تدفعهم إلى احتقار الناس في مستوى تفكيرهم وطبيعة إيمانهم وطريقة حياتهم ، لأنهم يجدون في أنفسهم المستوى الفكري والعقلي الذي يرفعهم عن مستوى الآخرين ، ولا سيما إذا كانوا مزودين بالثقافة التي تتيح لهم أن يجادلوا ويناقشوا ، ويحركوا ألسنتهم بتحليل الأمور وتفسيرها ومحاكمتها ، على أساس المصطلحات العلمية التي تعطي لكلماتهم مدلولا علميا ، كما نرى ذلك في بعض المتعلمين الذين لا يناقشون القضايا العامة التي يتبناها الناس من خلال طبيعتها الأساسية ، بل من خلال طبيعة المستوى الذي يمثله هؤلاء الناس المرتبطون بالفكرة أو بالعقيدة. فإذا حاولت أن تربطهم بالحقائق الدينية أو الكونية التي تربطهم بالله وتقودهم إلى الإيمان ، قالوا لك : إن هذا كلام غير علمي ، وإن هذه الأفكار التي تطرحها علينا هي أفكار العامة من الناس الذين يعيشون سذاجة الفكر والعقيدة ، وليست أفكار المتعلمين الذين يحملون شهادات العلم والفلسفة.

ولعل هذا هو الذي كان يسيطر على أجواء المنافقين الذين كانوا يدعون إلى الإيمان الخالص الذي ينطلق من الفطرة بعفوية وبساطة ، باعتبار أن طبيعة الأسس التي يرتكز عليها لا تستند إلى فكر معقد ، بل إلى الوجدان الذي يتحرك في إطار الفكرة بهدوء وصفاء. فكانوا يجيبون : إننا لا نؤمن بمثل هذا

Bogga 146