[2.67-71]
قوله عز وجل: { وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة }؛ هذه الآية نزلت بعد قوله تعالى:
وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها
[البقرة: 72] وإن كانت مقدمة في التلاوة؛ لأن قتل النفس كان قبل ذبح البقرة.
والقصة فيه ما روي: أن بني إسرائيل قيل لهم في التوراة: أيما قتيل وجد بين قريتين فليقس إلى أيهما أقرب؛ ثم ليؤخذ لأهل تلك القرية وليحلف خمسون شيخا من شيوخهم بالله ما قتلوه ولا علموا له قاتلا. فقتل رجلان من بني إسرائيل ابن عم لهما اسمه عاميل ليرثاه؛ وكانت لهما ابنة عم حسنة، فخافا أن ينكحها؛ فقتلاه لذلك وحملاه إلى جانب قرية فأخذ أهل تلك القرية به فجاءوا إلى موسى عليه السلام، وقالوا: أدع الله تعالى أن يطلعنا على قاتله، فأوحى الله إليه: امرهم أن يذبحوا بقرة، فأمرهم بذلك ليضرب المقتول ببعض تلك البقرة فيحيى فيخبرهم بمن قتله. ف: { قالوا أتتخذنا هزوا }؛ أي تستهزئ بنا يا موسى حين سألناك عن القتل وتأمرنا بذبح بقرة!! وإنما قالوا ذلك لتباعد الأمرين في الظاهر؛ ولم يدروا ما الحكمة فيه.
وقرأ ابن محيص: (أيتخذنا) بالياء يعنون الله عز وجل. ولا يستبعد هذا من جهلهم؛ لأنهم هم الذين قالوا:
اجعل لنآ إلها كما لهم آلهة
[الأعراف: 138]. وفي قوله عز وجل: { هزوا } ثلاث لغات: (هزوا) بالتخفيف والهمز ومثله كفوا؛ وهي قراءة الأعمش وحمزة وخلف. و(هزؤا) و(كفؤا) مهموزان مثقلان، وهي قراءة أبي عمرو وأهل الحجاز والشام والكسائي. وهزوا وكفوا مثقلان بغير همز هي قراءة حفص عن عاصم، وكلها لغات صحيحة فصيحة معناها الاستهزاء.
ف: { قال }؛ لهم موسى: { أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين }؛ أي أمتنع بالله أن أكون من المستهزئين بالمؤمنين.
فلما علم القوم أن ذبح البقرة عزم من الله، { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي } ، أي ما هذه البقرة؛ كبيرة أم صغيرة؟ وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
Bog aan la aqoon