146

Tafsir Weyn

التفسير الكبير

Noocyada

قال ابن عباس والحسن ومسروق: (تفسير قوله: { غير باغ } أي غير باغ في الميتة؛ ولا عاد الأكل). وقال مقاتل: (أي غير باغ ومستحل، ولا عاد أي ولا متزود منها). وقال السدي: (غير باغ في أكله بشهوة وتلذذ، ولا عاد أي لا يأكل حتى يشبع منها، ولكن يأكل منها ما يمسك رمقه). وقال بعضهم: غير باغ؛ أي متجاوز للقدر الذي يحل له، ولا عاد؛ أي لا يقصر فيها فيما يحل له منها؛ فلا يأكله. قال مسروق: (بلغني أنه من اضطر إلى الميتة فلم يأكلها حتى مات دخل النار).

واختلف الفقهاء في حد الاضطرار إلى الميتة فيما يحل للمضطر أكله من الميتة، فقال بعضهم: إنه لا يجوز له الأكل إلا عند خوف التلف في آخر الرمق وهو الصحيح، وقال بعضهم: إذا كان يضعف عن الفرائض. وقال بعضهم: إذا كان بحيث لو دخل إلى سوق لا ينظر إلى شيء سوى المطعوم.

وأما مقدار ما يأكل عند الضرورة فقال أبو حنيفة: (لا يأكل إلا ما يسد رمقه)، وهو أحد قولي الشافعي.؟ وقال مالك: (يأكل حتى يشبع ويتزود منها، فإن وجد شيئا مباحا طرحها). وقال مقاتل: (لا يزيد على ثلاثة لقم).

قوله: { فلا إثم عليه } أي فلا حرج عليه في أكلها، { إن الله غفور }؛ لمن أكل من الحرام في حالة الاضطرار، { رحيم }؛ به حيث رخص له في ذلك، فإن قيل: قوله تعالى: { فلا إثم عليه } تناقض قوله: { إن الله غفور رحيم }؛ لأن الغفران يقتضي إثبات الإثم؟ قيل: لأنه بالغفران قد يسر بما لولا الإباحة لكانت معصية، وبرحمته جوز عند الضرورة إحياء النفس بتناوله.

[2.174]

قوله عز وجل: { إن الذين يكتمون مآ أنزل الله من الكتاب } ، نزل في علماء اليهود والنصارى، قال الكلبي: عن أبي صالح عن ابن عباس: (كان علماء اليهود يأخذون من سفلتهم الهداية، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم من غيرهم، خافوا ذهاب مآكلهم وزوال رئاستهم، فعمدوا إلى صفة محمد صلى الله عليه وسلم فغيروها ثم أخرجوها إليهم وقالوا: هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان، لا يشبه نعت هذا النبي الذي بمكة، فإذا نظرت السفلة إلى النعت المغير وجدوه مخالفا لصفة محمد صلى الله عليه وسلم فلا يتبعونه، فأنزل الله تعالى هذه الآية { إن الذين يكتمون مآ أنزل الله من الكتاب } يعني صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته) { ويشترون به }؛ أي بالمكتوب، { ثمنا قليلا }؛ أي عوضا يسيرا؛ يعني المآكل التي كانوا يصيبونها من سفلتهم، { أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار }؛ ذكر البطون ها هنا للتأكيد؛ ما يأكلون إلا ما يوردهم النار؛ وهي الرشوة والحرام، ومن الدين والإسلام، فلما كان عاقبته النار سماه في الحال نارا، كقوله تعالى:

إن الذين يأكلون أموال اليتمى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا

[النساء: 10] يعني أن عاقبته النار، وقال عليه السلام في الذي يشرب في الإناء الذهب والفضة:

" إنما يجرجر في بطنه نار جهنم "

أخبر عن المال بالحال.

Bog aan la aqoon