والجواب عنه: أن (لا) صلة كقوله:
ما منعك ألا تسجد
[الأعراف: 12] وقوله:
لا أقسم
[القيامة: 1]. وحجة من أوجبه: أن الله سماهما { من شعآئر الله }. وأما قوله: { ومن تطوع خيرا } فمعناه من زاد على الطواف الواجب. وحجة من قال إنه فرض: فتسمية الله له من شعائره. قلنا: هذا لا يدل على الفريضة؛ فإن الله سمى المزدلفة المشعر الحرام؛ ولا خلاف أن الدم يقوم مقامه.
وسمي الصفا؛ لأنه جلس عليه صفي الله آدم عليه السلام. وسميت المروة؛ لأنها جلست عليها امرأته حواء، وأصل السعي: أن هاجر أم إسماعيل لما عطش ابنها إسماعيل وجاع صعدت على الصفا فقامت عليه تنظر؛ هل ترى من أحد؟ فلم تر أحدا؛ فهبطت من الصفا حتى جاوزت الوادي ورفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي؛ ثم أتت المروة وقامت عليها؛ هل ترى أحدا؟ فلم تر أحدا، فعلت ذلك سبع مرات.
قوله تعالى: { ومن تطوع خيرا }؛ قرأ حمزة والكسائي: (يطوع) بالياء وتشديد الطاء والجزم. وكذلك الثاني بمعنى يتطوع. وقرأ عبدالله: (يتطوع) وقرأ الباقون: (تطوع) بالتاء ونصب العين. ومعنى الآية: ومن زاد في الطواف الواجب. وقال ابن زيد: (ومن تطوع خيرا فاعتمر). وقيل: من تطوع بالحج والعمرة بعد حجته الواجب. وقال الحسن: (فعل غير المفروض عليه من زكاة وصلاة ونوع من أنواع الطاعات كلها)؛ { فإن الله شاكر عليم }؛ أي مجاز له بعمله عليم بنيته يشكر اليسير ويعطي الكثير ويغفر الكبير.
[2.159]
قوله تعالى: { إن الذين يكتمون مآ أنزلنا من البينات والهدى }؛ هم علماء اليهود الذين كتموا أمر النبي صلى الله عليه وسلم وصفته في التوراة، وكتموا أمر القبلة والأحكام والحلال والحرام؛ { من بعد ما بيناه للناس في الكتاب }؛ أي من بعد ما أوضحناه للناس في التوراة والإنجيل؛ وأراد بالناس بني إسرائيل. قوله تعالى: { أولئك يلعنهم الله }؛ أي يبعدهم الله من رحمته. وأصل اللعن في اللغة: هو الطرد، { ويلعنهم اللاعنون }.
اختلف المفسرون في هؤلاء اللاعنين؛ فقال قتادة: (هم الملائكة). وقال عطاء: (الجن والإنس). وقال الحسن: (عباد الله أجمعون). وقال ابن عباس: (كل شيء إلا الجن والإنس). وقال مجاهد: (اللاعنون: البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأمسكت القطر، ويقولون: هذا لشؤم بني آدم). وقال عكرمة: (دواب الأرض وهوامها حتى الخنافس والعقارب، فيقولون: منعنا القطر لمعاصي بني آدم).
Bog aan la aqoon