Tafsir Jalinus Li Fusul Abuqrat
شرح جالينوس لفصول أبقراط بترجمة حنين بن إسحق
Noocyada
قال جالينوس: إن الطبيعة تقال على وجوه كثيرة فينبغي أن يفهم أنه يعني بها (1019) في هذا الموضع المعنى الذي يستعمله أبقراط كثيرا في كثير من كتبه، وعليه أجرى كلامه كله في كتابه في طبيعة الإنسان وهو أنه يسمي المزاج (1020) الذي من الاسطقسات الأول طبيعة كأنه قال (1021) «إذا كان المرض ملائما لمزاج البدن الأول (1022) ولمزاجه الحاضر الحادث (1023) بسبب سنه أو سخنته أو الوقت (1024) الحاضر من أوقات السنة فخطره أقل من خطر المرض إذا كان ليس بملائم لواحدة من هذه الخصال. وذلك أن ما (1025) كان من الأمراض أميل إلى الحرارة فهو ملائم لما كان إلى (1026) الحرارة أميل من الطبيعة والسن (1027) والسخنة ووقت السنة والبلد أيضا وحال الهواء، وما كان من الأمراض إلى البرد أميل فهو ملائم لما كان (1028) إلى البرودة أميل. وعلى هذا المثال ما كان (1029) إلى اليبس أميل فهو ملائم لما كان إلى الرطوبة أميل» فهذا قول أبقراط. وأما ديوقليس والواضع لكتاب السوابيع (1030) فيقولان ضد هذا القول. وذلك أنهما يتوهمان الأشياء المتشابهة للأمراض تهيجها وتقويها والأشياء المضادة لها تبطلها، وذلك لأن شفاء الضد يكون (1031)بالضد كما (1032) قال أبقراط أيضا (1033)، ويتوهمان (1034) أن الحمى PageVW0P136A المحرقة إذا كانت في الشتاء فهي أسرع برءا منها إذا كانت في الينف ، ولم يتفكروا (1035) أن الحمى المحرقة (1036) لا تكون في الشتاء إلا من أقوى ما تكون فعلا (1037) من العلل وما كانت لتحدث بتة في الشتاء لو لا أن سببها قوي حتى بلغ (1038) من قوته إن غلب مضادة مزاج ذلك الوقت. فإذا كان مزاج ذينك الوقتين أيضا يتغير كل واحد منهما عن مزاجه عن مزاجه الطبيعي وحدث ما لم يحدث من تلك الأمراض التي وصفت بسبب (1039) ذلك الوقت (1040) فإن (1041) لم يقو على مقاومة ذلك السبب لقوته وعظمه PageVW6P040A على (1042) أن الصحة قد كانت معينة له فكم بالحرى تغلبه في حال المرض إذا كانت قوة الصحة في ذلك الوقت قد فقدت (1043). وقد تبين هذا أيضا بالتجربة (1044) عيانا. وذلك أنك (1045) إن تفقدت حمايين محترقتين متساويتين في العظم إحداهما عرضت في الصيف والأخرى في الشتاء وجدت التي حدثت (1046) في الشتاء أجلبها للهلاك، فإن عرضت حمى محرقة ومزاج الهواء إلى الحرارة أميل ثم حدث (1047) تغير للهواء تغير (1048) بغتة إلى البرد انتفع صاحب تلك الحمى المحرقة ببرد الهواء منتفعة عظيمه لأن مزاجي الهواء جميعا يكونان له جيدين (1049) محمودين. أما المزاج (1050) الأول الذي (1051) فيه تولدت (1052) تلك الحمى فعلى طريق أنه علامة جيدة محمودة. وأما المزاج الثاني الذي كان فيه انفضاء الحمى فعلى طريق أنه سبب جيد محمود. فجميع هذه الأشياء وأشباهها ليس تناقض القول الذي قيل (1053) في هذا الفصل لكنها تشهد على صحته. وكذلك أيضا قال (1054) أبقراط مرارا (1055) إن البحوحة (1056) والنزلة للشيخ (1057) الفاني لا ينضجان وإن كانت هذه العلل ملائمة لسن المشايخ فليس بمناقض لما قاله في هذا الفصل من وجوه: أولها أنه (1058) ليس أن (1059) يكون الشيء لا ينضج هو أن يكون الشيء PageVW0P136B ذا خطر، والثاني أنه لم يطلق القول فيه فيقول شيخا (1060) لكنه قال شيخا فانيا (1061) وكل علة تعرض (1062) للشيخ الفاني فهي ذات خطر لضعف قوته. ولا أيضا ما قاله أبقراط في المقالة الأولى من كتاب أبيديميا أن أكثر من كان يموت من كانت طبيعته مائلة إلى السل بمضاد لما قال (1063) في هذا الفصل. وذلك أنه لم يعن في ذلك الفصل (1064) بالطبيعة مزاج الأسطقسات لكنه إنما عنى به خلقة البدن. فإنهم ربما سموا الخلقة (1065) طبيعة. وكما أن (1066) القول بأن المرض الحاد إذا أصاب صاحب (1067) المزاج الحار كان خطره أقل حق يقين (1068) كذلك (1069) القول أيضا بأن من كان صدره ضيقا ليس يسرع إليه السل فقط ولكنه (1070) إذا أصابته بحة (1071) كان خطره أشد صواب مستقيم. وقد غلط قوم من المفسرين في هذه الحجج المقنعة وأشباهها فقالوا (1072) إن المرض الملاوم لطبيعة المريض إنما هو المضاد له في مزاجه كأنه قال الموافق وقد حادوا جدا (1073) عن حقائق الأمور وعن رأي أبقراط وقوله كما بينا (1074).
35
[aphorism]
Bogga 533