48

Tafsir Ibn Atiyyah

تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

Baare

عبد السلام عبد الشافي محمد

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

فصورة قيام الحجة بالقرآن على العرب أنه لما جاء محمد ﷺ به وقال: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة: ٢٣] قال كل فصيح في نفسه: وما بال هذا الكلام حتى لا آتي بمثله؟ فلما تأمله وتدبره، ميز منه ما ميز الوليد بن المغيرة حين قال: «والله ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون» وعرف كل فصيح بينه وبين نفسه أنه لا يقدر بشر على مثله، فصح عنده أنه من عند الله تعالى. فمنهم من آمن وأذعن، ومنهم من حسد كأبي جهل وغيره ففر إلى القتال، ورضي بسفك الدم عجزا عن المعارضة، حتى أظهر الله دينه، ودخل جميعهم فيه، ولم يمت رسول الله ﷺ وفي الأرض قبيل من العرب يعلن كفره. وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة، كما قامت الحجة في معجزة عيسى بالأطباء، وفي معجزة موسى بالسحرة فإن الله تعالى إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما يكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره، فكأن السحر في مدة موسى قد انتهى إلى غايته، وكذلك الطب في زمن عيسى، والفصاحة في مدة محمد عليهم الصلاة والسلام.

1 / 53