190

Tafsir Ibn Atiyyah

تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

Baare

عبد السلام عبد الشافي محمد

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

ﷺ خطاب أمته، و«الولي» فعيل من ولي إذا جاور ولحق، فالناصر والمعين والقائم بالأمر والحافظ كلهم مجاور بوجه ما، و«النصير» فعيل من النصر، وهو أشد مبالغة من ناصر. وقوله تعالى: أَمْ تُرِيدُونَ: قالت فرقة: أَمْ رد على الاستفهام الأول، فهي معادلته. وقالت فرقة أَمْ استفهام مقطوع من الأول، كأنه قال: أتريدون، وهذا موجود في كلام العرب. وقالت فرقة: أَمْ هنا بمعنى بل وألف الاستفهام، قال مكي وغيره: وهذا يضعف لأن «أم» لا تقع بمعنى بل إلا إذا اعترض المتكلم شك فيما يورده. قال القاضي أبو محمد: وليس كما قال مكي ﵀، لأن «بل» قد تكون للإضراب عن اللفظ الأول لا عن معناه، وإنما يلزم ما قال على أحد معنيي «بل» وهو الإضراب عن اللفظ والمعنى، ونعم ما قال سيبويه: بل هي لترك كلام وأخذ في غيره. وقال أبو العالية: إن هذه الآية نزلت حين قال بعض الصحابة للنبي ﷺ: ليت ذنوبنا جرت مجرى ذنوب بني إسرائيل بتعجيل العقوبة في الدنيا، فقال النبي ﷺ: قد أعطاكم الله خيرا مما أعطى بني إسرائيل. وتلا: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا . [النساء: ١١٠] . قال القاضي أبو محمد: فتجيء إضافة الرسول ﷺ إلى الأمة على هذا حسب الأمر في نفسه وحسب إقرارهم. وقال ابن عباس ﵁: إن رافع بن حريملة اليهودي سأل النبي ﷺ تفجير عيون وغير ذلك، وقيل: إن كفار قريش سألوا النبي ﷺ أن يأتيهم بالله جهرة، وقيل: سألوه أن يأتي بالله والملائكة قبيلا، وقال مجاهد: سألوه أن يرد الصفا ذهبا، فقال لهم: خذوا ذلك كالمائدة لبني إسرائيل، فأبوا ونكصوا. قال القاضي أبو محمد عبد الحق ﵁: فتجيء على هذه الأقوال إضافة الرسول إليهم حسب الأمر في نفسه، لا على إقرارهم، وكَما سُئِلَ مُوسى ﵇ هو أن يرى الله جهرة. وقرأ الحسن بن أبي الحسن وغيره «سيل» بكسر السين وياء وهي لغة، يقال: سلت أسال، ويحتمل أن يكون من همز أبدل الهمزة ياء على غير قياس ثم كسر السين من أجل الياء، وقرأ بعض القراء بتسهيل الهمزة بين الهمزة والياء مع ضم السين، وكني عن الإعراض عن الإيمان والإقبال على الكفر بالتبدل، وقال أبو العالية: «الكفر هنا الشدة، والإيمان الرخاء» . قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، إلا أن يريدهما مستعارتين، أي الشدة على نفسه والرخاء لها عبارة عن العذاب والتنعيم، وأما المتعارف من شدة أمور الدنيا ورخائها فلا تفسر الآية به، وضَلَّ أخطأ الطريق، و«السواء» من كل شيء الوسط والمعظم، ومنه قوله تعالى فِي سَواءِ الْجَحِيمِ [الصافات: ٥٥] .

1 / 195