من حمل شيء ، على سرير أو عرش أو كرسي!! ومن قال بذلك واعتقده (1) فهو بالله من الجاهلين ، وعن المعرفة لله من الضالين.
وكيف يتوهم من رفع تبارك وتعالى السماوات بغير عمد ، وأمسكها وأقامها في الأهوية بغير علق (2) ولا سند ، كما قال سبحانه : ( * إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ) [فاطر : 41]. وقال تبارك وتعالى: ( رفع السماوات بغير عمد ) [الرعد : 2] ، ثم قال جل ثناؤه ( ترونها )، يعني سبحانه تعاينونها وتبصرونها ، غير معمودة من تحتها بعمد ، ولو كانت كذلك لرأى ذلك من أهل الأرض كل أحد ، فكيف يكون من حملها سبحانه محمولا ، أو يكون ذلك عليه في القول مقبولا؟!
وما ذكر (3) سبحانه من العرش والكرسي ، وبعده في ذكرهما من مشابهة كل شيء ، إلا كما (4) ذكر سبحانه من إمساكه وإقامته ، لما ذكر من أرضه وسماواته ، لا يتوهم إمساكه لذلك ببنان ولا كف قابضة ، تقدس في ذلك عن كل صفة محدثة عارضة ، ولئن لم يتأولوا العرش لرب العالمين ، إلا على ما رأوا من عروش الآدميين ، ما لهم أن يتأولوا رفع السماوات والأرض إلا على مثال ما يعرفون ، من الآدميين ويتوهمون.
وكذلك يلزمهم أن يتوهموا صنع الله جل ثناؤه لما صنع ، كصنع من خلق الله من الآدميين وابتدع ، فيشبهون الله تعالى بالخلق ، ويقولون عليه بغير الصدق ، فيبين بإذن الله أمرهم ، ويظهر بالله كفرهم ، ولا يخفى شركهم ولا يستتر ، ولا يتوارى عند من عرف الله ولا يستسر ، فنستجير بالله من العمى والضلالة ، ومن الحيرة عن الله والجهالة.
وما الذي ذكر الله سبحانه في التمثيل من عرشه وحمله ، إلا كما ذكر الله من حبله ، إذ يقول تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ) [آل عمران : 103] ، و ( ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) [آل عمران : 112] ،
Bogga 668