Tafsirka Badda Muhitka

Abu Hayyan Gharnati d. 745 AH
75

Tafsirka Badda Muhitka

البحر المحيط في التفسير

Baare

صدقي محمد جميل

Daabacaha

دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

١٤٢٠ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

مَوْضِعِ الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَنُسِبَ هَذَا لِسِيبَوَيْهِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَتَقْرِيرُ هَذَا فِي الْمَبْسُوطَاتِ مِنْ كُتُبِ النَّحْوِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا إِذَا كَانَتْ جُمْلَةَ اعْتِرَاضٍ، وَتَكُونُ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ إِنَّ، وَالتَّقْدِيرَانِ الْمَذْكُورَانِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ وَغَيْرِهِ. وَإِذَا جَعَلْنَا سَوَاءً الْمُبْتَدَأَ وَالْجُمْلَةَ الْخَبَرَ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى رَابِطٍ لِأَنَّهَا الْمُبْتَدَأُ فِي الْمَعْنَى وَالتَّأْوِيلِ، وَأَكْثَرُ مَا جَاءَ سَوَاءٌ بَعْدَهُ الْجُمْلَةُ الْمُصَدَّرَةُ بِالْهَمْزَةِ الْمُعَادَلَةُ بِأَمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا «١»، سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ «٢»، وَقَدْ تُحْذَفُ تِلْكَ الْجُمْلَةُ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهَا، فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا، سَواءٌ عَلَيْكُمْ «٣» أَيْ أَصَبَرْتُمْ أَمْ لَمْ تَصْبِرُوا، وَتَأْتِي بَعْدَهُ الْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ الْمُتَسَلِّطَةُ عَلَى اسْمِ الِاسْتِفْهَامِ، نَحْوُ: سَوَاءٌ عَلَيَّ أَيُّ الرِّجَالِ ضَرَبْتُ، قَالَ زُهَيْرٌ: سَوَاءٌ عَلَيْهِ أَيَّ حِينٍ أَتَيْتُهُ ... أَسَاعَةَ نَحْسٍ تُتَّقَى أَمْ بِأَسْعَدِ وَقَدْ جَاءَ بَعْدَهُ مَا عُرِّيَ عَنِ الِاسْتِفْهَامِ، وَهُوَ الْأَصْلُ، قَالَ: سَوَاءٌ صَحِيحَاتُ العيون وعورها وَأَخْبَرَ عَنِ الْجُمْلَةِ بِأَنْ جُعِلَتْ فَاعِلًا بِسَوَاءٍ أَوْ مُبْتَدَأَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُصَدَّرَةً بِحَرْفٍ مَصْدَرِيٍّ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى وَكَلَامُ الْعَرَبِ مِنْهُ مَا طَابَقَ فِيهِ اللَّفْظُ الْمَعْنَى، نَحْوُ: قَامَ زَيْدٌ، وَزَيْدٌ قَائِمٌ، وَهُوَ أَكْثَرُ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ مَا غُلِّبَ فِيهِ حُكْمُ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى، نَحْوَ: عَلِمْتُ أَقَامَ زَيْدٌ أَمْ قَعَدَ، لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْجُمْلَةِ عَلَى عَلِمْتُ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مَا بَعْدَ عَلِمْتُ اسْتِفْهَامًا، بَلِ الْهَمْزَةُ فِيهِ لِلتَّسْوِيَةِ. وَمِنْهُ مَا غَلَبَ فِيهِ الْمَعْنَى عَلَى اللَّفْظِ، وَذَلِكَ نَحْوُ الْإِضَافَةِ لِلْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ نَحْوِ: عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ على الصِّبَا إِذْ قِيَاسُ الْفِعْلِ أَنْ لَا يُضَافَ إِلَيْهِ، لَكِنْ لُوحِظَ الْمَعْنَى، وَهُوَ الْمَصْدَرُ، فَصَحَّتِ الْإِضَافَةُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَفْظُهُ لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ، وَإِنَّمَا جَرَى عَلَيْهِ لَفَظُ الِاسْتِفْهَامِ لِأَنَّ فِيهِ التَّسْوِيَةَ الَّتِي هِيَ فِي الِاسْتِفْهَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ مُخْبِرًا سَوَاءٌ عَلَيَّ أَقُمْتَ أَمْ قَعَدْتَ أَمْ ذَهَبْتَ؟ وَإِذَا قُلْتَ مُسْتَفْهِمًا أَخَرَجَ زَيْدٌ أَمْ قَامَ؟ فَقَدِ

(١) سورة إبراهيم: ١٤/ ٢١. (٢) سورة الأعراف: ٧/ ١٩٣. (٣) سورة الطور: ٥٢/ ١٦.

1 / 78