174

Tafsirka Badda Muhitka

البحر المحيط في التفسير

Tifaftire

صدقي محمد جميل

Daabacaha

دار الفكر

Daabacaad

١٤٢٠ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ إِدْخَالُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ النَّارَ، لَكِنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ الْكُفَّارِ تَغْلِيبًا لِلْأَكْثَرِ عَلَى الْأَقَلِّ، أو لأن الكافر لن يَشْتَمِلُ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَكَفَرَ بِأَنْعُمِهِ، أَوْ لِأَنَّ مَنْ أُخْرِجَ مِنْهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً لَهُ دَائِمًا بِخِلَافِ الْكُفَّارِ. وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ: أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ النَّارِ، وَالْعَامِلُ فِيهَا: فَاتَّقُوا، قَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ، لِأَنَّ جَعْلَهُ الْجُمْلَةَ حَالًا يَصِيرُ الْمَعْنَى: فَاتَّقُوا النَّارَ فِي حَالِ إِعْدَادِهَا لِلْكَافِرِينَ، وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلْكَافِرِينَ، اتَّقَوُا النَّارَ أَوْ لَمْ يَتَّقُوهَا، فَتَكُونُ إِذْ ذَاكَ حَالًا لَازِمَةً. وَالْأَصْلُ فِي الْحَالِ الَّتِي لَيْسَتْ لِلتَّأْكِيدِ أَنْ تَكُونَ مُنْتَقِلَةً، وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ، وَكَأَنَّهَا سُؤَالُ جَوَابٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ لَمَّا وُصِفَتْ بِأَنَّ وَقُودَهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ قِيلَ: لِمَنْ أُعِدَّتْ؟ فَقِيلَ: أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ.
[سورة البقرة (٢): آية ٢٥]
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهًا وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥)
الْبِشَارَةُ: أَوَّلُ خَبَرٍ يَرِدُ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ خَيْرٍ كَانَ أَوْ شَرٍّ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْخَيْرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ. أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْخَيْرِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: تَأَوَّلَ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «١»، وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالنَّقْلِ. قِيلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ: هُوَ خَبَرٌ يُؤَثِّرُ فِي الْبَشَرَةِ مِنْ حُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِذَا يُقَيَّدُ فِي الْحُزْنِ، وَالْبِشَارَةُ: الْجَمَالُ، وَالْبَشِيرُ: الْجَمِيلُ، قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، وَتَبَاشِيرُ الْفَجْرِ: أَوَائِلُهُ. وَفِي الْفِعْلِ لُغَتَانِ: التَّشْدِيدُ، وَهِيَ اللُّغَةُ الْعُلْيَا، وَالتَّخْفِيفُ: وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ تِهَامَةَ. وَقَدْ قرىء بِاللُّغَتَيْنِ فِي الْمُضَارِعِ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ، سَتَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ. الصَّلَاحُ: يُقَابِلُهُ الْفَسَادُ. الْجَنَّةُ: الْبُسْتَانُ الَّذِي سَتَرَتْ أَشْجَارُهُ أَرْضَهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ سَتَرَ شَيْئًا فَقَدَ أَجَنَّهُ، وَمِنْ ذَلِكَ الْجِنَّةُ وَالْجَنَّةُ وَالْجِنُّ وَالْمِجَنُّ وَالْجَنِينُ. الْمُفَضَّلُ الْجَنَّةُ: كُلُّ بُسْتَانٍ فِيهِ ظِلٌّ، وَقِيلَ: كُلُّ أَرْضٍ كَانَ فِيهَا شَجَرٌ وَنَخْلٌ فَهِيَ جَنَّةً، فَإِنْ كَانَ فِيهَا كَرْمٌ فَهِيَ: فِرْدَوْسُ. تَحْتَ: ظَرْفُ مَكَانٍ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ مِنْ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ. قَالَ الْعَرَبُ: تَقُولُ تَحْتَكَ رِجْلَاكَ، لَا يَخْتَلِفُونَ فِي نَصْبِ التَّحْتِ. النَّهْرُ: دُونَ الْبَحْرِ وَفَوْقَ الْجَدْوَلِ، وَهَلْ هُوَ نَفْسُ مَجْرَى الْمَاءِ أَوِ الْمَاءِ فِي الْمَجْرَى الْمُتَّسِعِ قولان، وفيه

(١) سورة آل عمران: ٣/ ٢١، وسورة التوبة: ٩/ ٢٤، وسورة الانشقاق: ٨٤/ ٢٤.

1 / 177