132

Tafsir al-Uthaymin: Ghafir

تفسير العثيمين: غافر

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٧ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

وحُكْم الله تعالى يَنقَسِم إلى قِسْمين: كَونيٍّ وشَرْعيٍّ. فالكَوْنيُّ: ما قَضَى به على عِباده كونًا وتَقديرًا. والشَرعيُّ: ما قَضَى به على عِباده شَرْعًا وتَنظيمًا. والحُكْمان مَوْجودان في القُرآن جميعًا، فمِن الحُكْم القَدَريِّ قوله ﵎: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي﴾ [يوسف: ٨٠]، ومن الحُكْم الشَّرعيِّ قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الممتحنة: ١٠]. والفَرْق بينهما: الفرق الأوَّل: أنَّ الحُكْم الشَّرعيَّ يَرضاه الله ﷿، والحُكْم الكونيَّ يَتَعلَّق بما يَرضاه وبما لا يَرضاه. والفَرْق الثاني: أن الحُكْم الشَّرعيَّ قد يَقَع من المَحكوم عليه وقد لا يَقَع، وأمَّا الحُكْم الكَوْنيُّ فإنه لا بُدَّ أن يَقَع، فإذا حكَم الله على شخص بمَوْت، أو مرَض، أو فَقْر، أو عاهة، أو غير ذلك وقَع، ولا بُدَّ، وإذا حكَم الله على شخص بأن يُؤمِن ويَعمَل صالِحًا فقد يَقَع وقد لا يَقَع. وقوله: ﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ﴾ هنا يَشمَل الأمرَيْن جميعًا. ويُستَفاد من هذا أنه لا يَجوز الحُكْم بالقَوانين المُخالِفة للشريعة، لقوله تعالى: ﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ﴾، وهذه الجُملةُ تُفيد الحصْر، أي: الحُكْم لله لا لغيره، والحُكْم بالقوانين المُخالِفة للشريعة قد يَكون كُفْرًا، وقد يَكون ظُلمًا، وقد يَكون فِسْقًا، كما ذكَره الله ﷿ على هذه الوُجوهِ الثلاثة في سورة المائِدة، وهي من آخِر ما نزَل، فإن وُضِع الحُكْم القانوني شرعًا نافِذًا فهذا كُفْر، لأنه يَقتَضي رَفْع الحكْم الشَّرعيَّ وإحلال حُكْم

1 / 136