الآية (١٠)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ﴾ [غافر: ١٠].
* * *
قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ﴾ والنِّداء: هو الكَلام من بعيد، والمُناجاة الكَلام من قَريب، ولم يُبيِّنِ الله تعالى مَن يُناديهم، لكن المفَسِّر ﵀ قال: [من قِبَل المَلائِكة]، وذلك عند دُخولهم النار، وهم يَمقُتون أنفسهم في ذلك الوقت أكبَرَ مَقْتٍ - والمَقْت: هو أشَدُّ البُغض -، فهم في ذلك الوقتِ عند دُخولهم النار يُبغِضون أنفسهم بُغضًا شديدًا؛ حيث لم يَتَوصَّلوا إلى النَّجاة منها، فيُنادَوْن فيُقال لهم: ﴿لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ اللَّام هنا لام الابتِداء، وتَدخُل على المُبتَدَأ تَوْكيدًا.
وقوله ﵀: [﴿لَمَقْتُ اللَّهِ﴾ إيَّاكم]، هذا أحَد الوَجْهين في الآية، وعلى هذا فيَكون المَقْت مُضافًا إلى فاعِله لا إلى مَفعوله، يَعنِي: لبُغُض الله إيَّاكم أشَدُّ من بُغْضكم أنفُسِكم، وقيل: إنه مُضاف إلى مَفعوله لا إلى فاعِله، وعلى هذا يَكون المَعنَى: لمَقتكمُ الله حين تُدْعَوْن إلى الإيمان أكبَرُ من مَقْتكم أنفسِكم اليومَ، أي: أنهم كرِهوا ما دُعُوا إليه في الدُّنيا من مَحبَّة الله، وأُبدِلوا ذلك بأشَدِّ البُغض، وهذا المَعنى أَقرَبُ ممَّا مشَى عليه المفَسِّر ﵀: [﴿لَمَقْتُ اللَّهِ﴾ إيَّاكم]، وعلى ما رجَّحْنا يَكون المعنى: لمَقتكم الله، فهو مُضاف إلى مَفعوله.