175

Tafsir al-Uthaymeen: Surah

تفسير العثيمين: ص

Daabacaha

دار الثريا للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Goobta Daabacaadda

الرياض - المملكة العربية السعودية

Noocyada

ويُذكر أن معاوية بن أبي سفيان ﵁، وكان أميرًا على الشَّام، في إمارة عمر بن الخطاب ﵁، وكان معاوية إذا أتى الإنسان إليه يجد حُجابًا وحرّاسًا وشيئًا من الأبهة، وإذا جاء إلى الخليفة الذي فوقه، يجد أمرًا بخلاف ذلك، يجد رداءً مرقعًا، وشخصًا ينام في المسجد، يكوِّم كتلةً من الرمل والحصباء ويتوسَّدها وليس بين يديه حاجب، ولا حوله جنود، فيتعجب كيف أمير هذا الرجل بهذه الأبَّهة؟ وهذا الخليفة الذي فوقه بهذا التواضع؟ !
أجاب العلماء عن ذلك بأنّ معاوية ﵁ كان في بلاد الشَّام، وكانوا لا يخضعون لأمرائهم وسلاطينهم إلَّا إذا كانوا أمامهم على وجهٍ فيه أبهَّة وعَظَمة، فرأى معاوية أَنَّه من المناسب للحال أن يكوِّن نفسَه هذا التكوين، وليس قصده أن يتعاظم (^١)، والدليل على هذا أَنَّه لما أتاه كتاب عمر ﵁، وأَظنُّه في كِسرْة عظم، في قصَّة اليهودي الذي أدخل معاوية بيته في بيت المال، بعد أن أُعطي عنه عِوَضًا كثيرًا؛ فرأى أنّ ذلك ظلم، فركب إلى عمر في المدينة يشكو معاوية، يقول: إنّ معاوية غصبني، وأخذ بيتي، وأدخله في بيت المال، فكتب عمر إلى معاوية يأمره بأن يرد عليه بيته، فلما جاءه الكتاب، أخذه معاوية ووضعه على رأسه تعظيمًا للكتاب، وقال لليهودي: الآن افعل ما تشاء، تُريد أن نعيد إليك بيتك ونبنيه بأحسن ما تريد، أو تأخذ القيمة؟ فلما رأى هذا الأمر انبهر؛ كيف أن معاوية يفعل في كتاب عمر هذا الفعل، فشهد أن لا إله إلَّا الله

(^١) انظر "سير أعلام النبلاء" ٣/ ١٣٣.

1 / 180