Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٧ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
ثمَّ قال ﵀: [﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ الَّذي أمَر به مَن فِيها مِن الطَّاعةِ والعِبادةِ] "أوْحَى في كلِّ سَماءٍ أمْرَها"، يَعنِي: قدَّرَ بِما أوحاه في كلِّ سماءٍ أمْرَها، فكُلُّ سَماء لَها مَلائِكةٌ خاصَّةٌ، وعِباداتٌ خاصَّةٌ، وأجْواءٌ خاصَّةٌ، وكُلُّ سَماءٍ تَختَلِفُ عَنِ السَّماءِ الأُخْرَى، حتَّى إنَّ بَعْضَهم يَقولُ - وَهُو مِن الإسْرائِيلِيَّاتِ الَّتي لا تُصَدَّقُ وَلا تُكَّذَّبُ -: إنَّ جِرْمَ السَّماءِ الدَّنيا يَخْتَلِفُ عَن جِرْمِ السَّماءِ الثَّانيَةِ، والثَّانيةُ عَنِ الثَّالِثةِ، كُلُّ واحِدةٍ مِن مادَّةٍ أُخرَى غَيرِ مادَّةِ السَّماءِ الأُخْرَى، والله أعْلَمُ.
وقَولُه: ﴿أَمْرَهَا﴾ مُفْرَدٌ مُضافٌ فيَعُمُّ جَمِيعَ الأُمُورِ، فجمِيعُ ما يَتعلَّق بكُلِّ سماءٍ قَد أوْحاه اللهُ بِها.
وَقَولُه ﵀ [﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ الَّذي أَمَرَ بِه مَن فِيها مِنَ الطَّاعَةِ والعِبادَةِ، صَرَفَ المُفسِّرُ ﵀ الأمْرَ هُنا إلَى الأمْرِ الشَّرْعيِّ لا الأمْرَ الكَوْنيَّ؛ ولذلِكَ قال: [﴿أَمْرَهَا﴾ الَّذي أمَرَ بِه مَن فِيها مِنَ الطَّاعَةِ والعِبادَةِ] ويَحتَملُ أنْ يَكونَ المُرادُ بِالأمْرِ هُنا الشَّأنُ، أيْ أوْحَى في كُلِّ سماءٍ شَأنَها، فيَشْمَلُ أحْوالَ السَّماءِ وأحْوالَ مَن فِيها، وهَذا أعَمُّ مِمَّا ذَكَرَه المُفسِّر ﵀ وإنَّنا نُقرِّرُ قاعِدة في التَّفسِيرِ: إذا ورَدَ تَفْسِيرانِ في الآيَةِ أحَدُهما أعمُّ أخَذْنا بالأعمِّ، لأنَّ الأعمَّ يدْخُلُ فِيه الأخصُّ ولَا عَكْسَ، فَإذا قُلْنا: "شَأنُها" صارَ أعمَّ مِن أنْ نَقُولَ: "إنَّه أمْرُها الشَّرْعيُّ"، لأنَّ هَذا أخصُّ، فالحَمْلُ على الأعمِّ أوْلَى.
وقَولُه: ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا﴾ انْظُرْ إلَى خَصائِصِ السَّماءِ الدَّنْيا ﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾ [بنُجُوم﴾ ﴿وَحِفْظًا﴾ أمَنْصُوبٌ بِفِعلِه المُقدَّرِ، أي: حَفِظْناها مِنِ استِراقِ الشَّياطِين السَّمْعَ بالشُّهُبِ، "زيَّنَّا السَّماءَ الدَّنيا"، "الدُّنيا" يَعنِي: القُربَى، وسُمِّيَتْ دُنيا لأنَّها قَريبَةٌ مِنَ الأرْضِ، فهِي أقْرَبُ السَّمواتِ، زَّينَها بمَصابِيحَ،
1 / 81