Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
56

Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat

تفسير العثيمين: فصلت

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٧ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

أمَّا الحِكمَةُ فوجْهُها: أنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا كان قادِرًا على أنْ يخْلُقها بلَحظَةٍ واحِدَةٍ: كُن فيكُونُ، لكنَّه جَلَّ وَعَلَا ربَطَ الأسبابَ والمُسبَّباتَ، وجَعلَها تتَفاعَلُ شيئًا فشَيئًا حتَّى تنتَهِي، هَذا مِن وجْهٍ. ومن وجْهٍ آخرَ: أَنَّه أخَّرَ ذلِك لِيُعَلِّم عِبادَه التَّأنِّي في الأُمُورِ. الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ خلْقَ الأرْضِ قبْل خلْقِ السَّماءِ؛ لأنَّه لمَّا ذكَرَ خلْقَ الأرْضِ في أربَعةِ أَيَّامٍ قالَ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ وَهَذا كقَوْلِه تَعالى في سُورةِ البَقَرةِ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)﴾ [البقرة: ٢٩]. ولكِن هَذا يُعارِضُه ظاهِرُ قولِه تَعالى: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٢٧ - ٣٠] فهُنا ذَكَرَ أنَّ الأرْضَ دُحِيت بَعدَ خلْقِ السَّماءِ، فهلِ المُرادُ بالدَّحْوِ شَيءٌ سِوى الخلْقِ، أو أنَّ البَعْديَّةَ هُنا بَعدِيةُ ذِكرٍ؛ يعنِي كما يَقولُون: هَذا تَرتِيبٌ ذِكري، ولَيس ترتِيبًا زمَنِيًّا؛ الجَوابُ: في هَذا وجْهان: الوَجْهُ الأوَّلُ: أنَّ الدَّحْو ليْس الخلْقَ، بلْ هُو شَيْءٌ آخَرُ، فسَّرَه اللهُ بِقولِه: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا﴾ [النازعات: ٣١] فهَذا الدَّحوُ، وإخْراجُ الماءِ والمَرْعى شَيءٌ زائِدٌ على الخلْقِ والتَكوينِ. وأمَّا الوجْهُ الثَّاني: فإنَّ البَعدِيةَ هُنا بَعديَّةُ ذِكرٍ، وهُو ما يُعرفُ عِند عُلَماءِ النَّحوِ بالترتيبِ الذِّكريِّ، ومِنه قَولُ الشَّاعِر (^١):

(^١) البيت لأبي نواس الحسن بن هانئ، يمدح به العباس بن عبيد الله بن أبي جعفر. انظر: ديوانه ط. آصاف (ص: ١٢٢)، وخزانة الأدب (١١/ ٤٠).

1 / 60