Tafsir Al-Uthaymeen: Stories
تفسير العثيمين: القصص
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
وقيل: تخفف المعنى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تعالى: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ معناه: أنَّه قَرُبَ إبداؤها لذلك، لَكِنْ مَا كَانَت لِتُبْدِيَ بِهِ معناها مستحيل؛ لأن السياق يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ، ولأن السياق يَدُلُّ عَلَى المَعْنَى، وَهُوَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾، فَإِنَّ هَذِهِ الجُمْلَةَ لَا تُناسب أَنْ تَكُونَ (إنْ) نافيةً، يعني: ما كادت تُبدي به ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾.
والرَّبط عَلَى الْقَلْبِ يقتضي الكتمان، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ نَقُولَ: ما كادت تُظهره لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا؛ لأن ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا﴾ يستلزم ألَّا تُظْهِرَه، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ اللَّامُ هنا جائزة، وَهَذَا جَائِزٌ مِنْ حِيْثُ الصناعةُ النحويةُ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ التِّلاوةُ القُرْآنيةُ، فَلا يجوز حذفُها، والسبب أن كَلَامَ اللَّهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُبدَّل؛ لا بالنَّقص، ولا بالزيادة.
قوله ﵎: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾، تُبدي أي: تُظهِر به، وَأَمَّا قَوْلُ المُفَسِّر ﵀: [أَيْ: بِأَنَّهُ ابْنُهَا]، فَهُوَ بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهَا وَصَلْت إِلَى آلِ فِرْعَوْنَ، وَلَوْلَا أَنْ رُبِطَ عَلَى قَلْبِهَا لَقَالَت: هذا ابني.
وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا بَعِيدٌ مِنَ الْقِصَّةِ، بَعِيدٌ مِنَ المَعْنَى، وَلَكِنْ مَعْنَى قَوْله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ أي: لَتُظْهِر بما فَعَلَتْهُ به، وهي تُحدِّث النَّاس، وتقول: واللَّه أنا فعلتُ كذا، وفعلتُ كذا، وألقيتُ ابني فِي الْيَمِّ، إِلَى آخِرِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾؛ لِأَنَّ المَعْرُوفَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذا حَزِن بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ يُخَفِّفُ مِنْ آلامِ الْحُزْنِ عَلَى نَفْسِهِ، أو يتحدثُ بِهِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ لمن يَتَّصِلَ بِهِ.
ولذلك تجد الإِنْسَانَ يَضِيق صدرُه بالشَّيْء حَتَّى يُحَدِّثَ به، وهذا الشَّيْء معلوم، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ رَبَطَ عَلَى قَلْبِهَا لَأَبْدَتْ ذَلِكَ الْأَمْرَ، لا أنها تُبدي وتقول: هذا ابني، بل أَبْدَت الْأَمْرَ الَّذِي وَقَعَ منها، وهي أنَّها أَلْقَتْه في تابوتٍ، وأَلْقَتْه فِي الْيَمِّ،
1 / 44