Tafsir Al-Uthaymeen: Stories
تفسير العثيمين: القصص
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
وَلَا نَدْرِي هل عاصر قارونُ فِرْعَونَ أَمْ كَانَ هَذَا بَعْدَ هلاكه؟ وَلَا يُوجَدُ مَا يَمْنَعُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَرَ، واتصلَ بفِرْعَونَ، وصارت عنده الأموال العظيمة.
قَوْلُه تعالى: ﴿وَأَحْسِنْ﴾ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿وَأَحْسِنْ﴾ لِلنَّاسِ بِالصَّدَقَةِ]، هنا المُفَسِّر خَصَّ الإحسانَ، قال: أَحْسِن للناسِ بالصَّدَقة، ولكن الصَّحِيحُ أَنَّ المُرَادَ مَا هُوَ أعمُّ، أي: أَحْسَنُ فِي عِبَادَةِ اللَّه، وفي معاملة عِبَادِ اللَّهِ.
قَوْلُه تعالى: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ الكافُ هنا للتَّعلِيل، وليست للتَّشبِيه؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لإنسان أَنْ يُحْسِنَ مِثْلَ مَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِ، فإحسان اللَّهِ إِلَيْهِ أكملُ وأعظمُ، وَقَدْ جَاءَتِ الكاف للتَّعلِيل فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ، مِثْلَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨]، أي: واذكروه لهدايتكم، وَمِثْلَ قَوْلِهِ ﷺ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ" (^١)، فإن الكافَ هنا للتَّعلِيل، وليست للتَّشبِيه.
وَهَذَا المَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ نَسْلَمُ بِهِ مِنَ الإيراد الذي أورده بَعْضُ النَّاسِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَنَّهُ مِن الْعَادَةِ أَنَّ المُشَبَّهَ أقلُّ شأنًا ورُتبةً مِن المُشَبَّهِ به، وَمُحَمَّدٌ ﷺ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ أَقَلَّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، فكيف قيل: "صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ".
مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ أجاب فقال: إِنَّ التَّشبِيه لِلصَّلَاةِ عَلَى وَاحِدٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى جَمَاعَةٍ: إبراهيمَ وآلِه، وَهَذَا يَصِحُّ أَنْ يُعْطَى مُحَمَّدٌ ﷺ مِثْلَ مَا أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ، وَلَكِنْ لَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، بَلْ نَقُولُ: إِنَّ المَعْنَى: أنك يا ربي كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَإِنَّ هَذَا مِن شأنك، ومِن عادتك التكرُّم، فامنُن أَيْضًا
(^١) أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، بابٌ، رقم (٣٣٧٠)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي ﷺ بعد التشهد، رقم (٤٠٦).
1 / 347