الشريعة؛ فأنا ضامِنٌ أَنْ يَحصُلَ الأمنُ التامُّ.
والدَّليلُ قَولُه تعالى: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾، أي: نَجعل لهم مكانًا آمِنًا، وَمثلَ قَولِه تعالى: ﴿إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [الحج: ٤١]، أي: جعلنا لهم مكانًا يتمكنون فيه.
وقوله: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ﴾ الهَمْزَةُ هُنا معناها التَّقريرُ، أي: قَدْ مَكَنَّا، كَمَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح: ١]، أي: قد شرحنا لك.
وقوله: ﴿أَوَلَمْ﴾ لِعُلماء النحو في هَذَا الأسلوب مذهبان:
المذهب الأول: أَنَّ الهَمْزَة داخلة على شيء مُقَدَّر، والواو، أو الفَاءُ حَرْفُ عَطْفٍ عَلَى ذَلكَ المُقَدَّر.
والمذهب الثَّاني: أَنَّ الهَمزة بَعْدَ الواو مَحَلّها، لكن قُدّمت؛ لأنَّها للاستفهام، وأصلها (وَألم).
وقوله: ﴿حَرَمًا﴾ على وزن: بَطَل، فهو صِفَةٌ مُشَبَّهَة، أي: مِن الحُرمة، يعني: مكانًا حَرَمًا ذا حُرمة، ولا رَيْبَ أَنَّ مَكَّةَ المكرمة لها حُرمة عظيمة في نفوس النَّاس، حَتَّى في الجَاهِلية.
وقوله: ﴿آمِنًا﴾ اسمُ فاعل، قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنَ الإِغَارَةِ وَالقَتْلِ الوَاقِعَيْنِ مِنْ بَعْضِ العَرَبِ عَلَى بَعْضٍ] فَجَعَل معنى ﴿آمِنًا﴾ أي: آمِنًا أهلُه، وفَسَّرَهُ بقوله: [يَأْمَنُونَ]، فَيَكون المَعنَى: آمِنًا أهلُه.
وعندي أَنَّ الوصفَ هنا للحَرَمِ؛ لأن المُفَسِّر ﵀ يَرَى أَنَّه وصفٌ سَبَبِيٌّ، وَأَنَا أَرَى أنه وصفٌ حقيقي.