وانظُرْ إلى التَّرَف ماذا يُسبِّب؟ يُسبِّب الكِبْرياءَ، ورَدَّ الحقِّ، وعدَمَ الإيمان بالرُّسُل.
قال تعالى: ﴿إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ ﴿بِمَا﴾ أي: بالذي.
قوله تعالى: ﴿إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ الخِطاب في ﴿أُرْسِلْتُمْ﴾ للرُّسُل الذي عبَّر عنهم بقوله فيما سبَقَ: ﴿مِنْ نَذِيرٍ﴾.
وقوله ﷾: ﴿بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ عِندنا حَرْفَا جرٍّ ﴿بِمَا أُرْسِلْتُمْ﴾ و﴿بِهِ﴾، وَيتعلَّق الجارُّ الأوَّلُ ﴿بِمَا أُرْسِلْتُمْ﴾ بقوله تعالى: ﴿كَافِرُونَ﴾، وقُدِّم عليه للحَصْر، كأنهم قالوا: لا نَكفُر بشيء إلَّا بما أُرسِلْتم به، وهذا من المُبالَغة في العُدوان، نَسأَل الله تعالى العافِيةَ! .
أمَّا الثاني ﴿بِهِ﴾ فمُتعلِّق بـ (أُرسِل)، وقُدِّم المُتعلِّق على المُتعلَّق في ﴿بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾؛ لسَبَبين: مَعنوِيٍّ ولَفْظيٍّ: المَعنويُّ: إفادةُ الحصْر، واللَّفْظيُّ مُراعاة فواصِل الآيات؛ لأننا نَرى أن الله ﷿ يَأتي بالأشياء التي فيها مُراعاة الفَواصل حتى، وإن لزِمَ أن يُقدَّم المُؤخَّر ويُؤخَّر المُقدمَّ، ففي سوره طه: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى﴾ [طه: ٧٠]، مع أن مُوسى أَفضَلُ من هارونَ ﵉، لكن أُخِّر مُراعاةً لفَواصِل الآيات.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن الله ﷿ بعَث في قرية نذيرًا؛ لقوله ﷿: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ﴾ وقد دَلَّ على ذلك آياتٌ مُتعدِّدة كما في قوله تعالى: ﴿إِوَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾.