وقوله تعالى: ﴿فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾ جُمْلة خَبْرية قُدِّم فيها الخبَر لإفادة الحَصْر.
وقوله تعالى: ﴿إِلَيْنَا﴾ يَعنِي: نحن اللَّه ﷿، لا إلى غَيْره.
وقوله: ﴿مَرْجِعُهُمْ﴾ مَصدَر مِيميٌّ؛ أي: رُجوعهم؛ فرُجوعهم إلى اللَّه ﷿ لا إلى غيره، وهو الذي يُحاسِبهم على أعمالهم؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا﴾.
وقوله تعالى: ﴿فَنُنَبِّئُهُمْ﴾ نُخبِرهم، وإذا أُخبِروا بذلك يُجازَوْن عليه، فإن الكافِر لا بُدَّ أن يُجازَى على ذَنْبه، ولكنه يُجازَى بالعَدْل، ولهذا كانت النار درَكاتٍ بحسَب جُرْم الكافِرين، والمُنافِقون في الدَّرْك الأسفَل من النار؛ فقوله ﷾: ﴿فَنُنَبِّئُهُمْ﴾ أي: نُخبِرهم على سبيل التَّوْبيخ والإهانة، ثُمَّ نُجازيهم بما يَستَحِقّون.
وقوله تعالى: ﴿إِلَيْنَا﴾ و﴿فَنُنَبِّئُهُمْ﴾ هنا ضَمير جَمْع، لكن المُراد به التَّعْظيم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ هذا تَكميل للتَّهديد، يَعنِي: أنَّ اللَّه عليم بذات الصُّدور، وذات الصُّدور هي القلوب؛ لأنها فيها، كما قال ﷾: ﴿وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦]، فمَعنَى ذاتِ الصُّدور أي: صاحِبة
الصُّدور، وهي القُلوب؛ وقال تعالى: ﴿بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ دون القُلوب؛ لأنَّ ما كان داخِلَ الصَّدْر مَحجوب عن الخَلْق، لا يَعلَمه إلَّا اللَّه ﷾؛ ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
وفي قوله تعالى: ﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ دليلٌ على أنَّ الكافِر يُحاسَب على عمَل القَلْب، وهو كذلك، لأنه لولا أنه يُحاسَب لم يَكُن في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ كبيرُ فائِدةٍ.