Tafsir Al-Uthaymeen: From Juz’ Qad Sami' and Tabarak - Dar Al-Tabari
تفسير العثيمين: من جزء قد سمع وتبارك - ط مكتبة الطبري
Daabacaha
مجمع البحرين
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Goobta Daabacaadda
مكتبة الطبري (مصر)
Noocyada
فألبِسوه من الجنة، وافرِشوا له من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، فيأتيه من روحها ونعيمها، فيكون بذلك منتقلًا من نعيم الدنيا إلى نعيم الآخرة، ويكون عشية يومه الذي مات فيه أسرَّ منه في صباح يومه الذي مات فيه؛ لأنه خرج من دار النكد، والتعب، والهم، والغم، والعناء إلى دار النعيم، والسرور، وفُتِح له بابٌ إلى الجنة، فجعل ينظر إليها في قبره، وأُلبِس من الجنة، وفُرِش من الجنة، ونادى منادٍ من السماء - وهو اللّه ﷿: أن صدق عبدي، ما بالُك بسرور شخص يناديه ربه: أن صدق عبدي، يُصدِّقه اللّه ﷿ على ما قال من صواب الجواب، أما المنافق أو الكافر، فإنه إذا قيل: من ربك، ما دينك، من نبيك؟ يقول: هاه هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلتُه؛ لأن هذا الإيمان لم يدخل إلى قلبه، وإنما هو شيءٌ سمِعَه فقاله، ما وقر الإيمان في قلبه، وقد أخبر النبي ﷺ عن أقوام يقرأون القرآن، ويصلون، حتى إن الصحابة يحقرون صلاتهم مع صلاتهم، لكن إيمانهم لا يتجاوز حناجرهم - والعياذ باللّه -، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، والسهم إذا دخل في الرمية مرق منها بسرعة، فإيمانهم - والعياذ باللّه - لا يتجاوز حناجرهم، ولذلك أنصح نفسي وإياكم بأن نتفقَّد قلوبنا: هل وقر الإيمان فيها؟ هل وصل إليها، أم نحن كالأعراب الذين قالوا: آمنا، فقال اللّه لنبيه: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾.
لننظر ليس العمل مجرد رسوم يقوم بها الإنسان، لكن الإيمان كما قال الحسن البصري ﵀: ما وقر في القلب، وصدَّقته الأعمال، فتِّش أولًا عن قلبك، انظر أين اتجاهك، هل هو إلى اللّه؟ تبتغي وجه اللّه، تريد وجه اللّه، تريد ثواب اللّه، أو إلى أمرٍ تريده من الدنيا، إلى هوًى في نفسك تقصده، إلى مال، إلى رئاسة، إلى جاهٍ، إنك إذا أصلحتَ قلبك صلح أمرك؛ لأن النبي ﷺ يقول: "أَلَا وإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّه، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّه، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ"، طهِّر قلبك من الرياء، طهِّر قلبك من الحقد، طهِّر قلبك من الغل، طهِّر قلبك من الفتنة في الدنيا بجميع زهرتها، وبجميع زينتها، عن جميع ما ذكر الله ﷿ في قوله: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾، كل هذا زينة، ولكن هل هذا هو النعيم، هل هذا هو الغاية؟ قال: ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾ الاستفهام هنا يراد به: التشويق، ما هو الشيء الذي هو خير من ذلك؟ ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ يبقون فيها مدة، ثم يموتون؟ لا، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ﴾ رضا من اللّه ﷿، يُحِلُّ عليهم ﷾ رضاه فلا يسخط عليهم بعده أبدًا، ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾، فمن هم الذين اتقوا
14 / 348