Tafsir Al-'Uthaymeen: Faatir
تفسير العثيمين: فاطر
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
الأَمْرُ بين أن يكون حَقيقَةً أو غَيْرَ حَقيقَة وجب أن يُحْمَلَ على الحَقيقَة، فهو إذن حَقيقَةٌ، ويؤَيِّده أيضًا قَوْله تعالى: ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ فإن مِثْل هذا الترشيح يدُلُّ على أنَّه حَقيقَة وليس بمجازٍ، على أنَّنا نقولُ: إنَّه لا مجازَ في القُرْآن ولا في غَيْرِهِ كما سبق، ولكنْ مع هذا لا بَأْسَ أن ينتقل مِن نَفْيِ التَّساوي بين هذين البَحْرينِ ونَفْيِ التَّساوي بين كُلِّ شَيْئَيْنِ مُتغايِرَيْنِ؛ يعني: لا مانِعَ من أن ينتقل لانتفاءِ التَّساوي بين هَذَيْنِ المَخْصوصَيْنِ إلى انتفاءِ التَّساوي بين الأُمُور المعْقُولَةِ المَعْنَوِيَّة.
قَوْله تعالى: ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾.
﴿وَمِنْ كُلٍّ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْله تعالى: ﴿تَأْكُلُونَ﴾ [﴿لَحْمًا طَرِيًّا﴾ هو السَّمَك] الطَّرِيُّ معناه الذي لم يَتَغَيَّر بِنَتَنٍ، وهذا من خصائِصِ السَّمَك؛ أنَّه وإن مات فإنَّه طَرِيٌّ كما قال الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾ [المائدة: ٩٦] قال ابن عباسٍ ﵄: "صَيْدُه ما أُخِذَ حيًّا وطعامُه ما أُخِذ ميِّتًا" (^١).
ثانيًا: من فوائد هذينِ البَحْرينِ [﴿وَتَسْتَخْرِجُونَ﴾ من المِلْح، وقيل: منهما ﴿حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ وهي اللُّؤْلؤُ والمَرْجان] كما قال تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢]، وقد اختلف النَّاسُ: هل هذا لا يخرج إلا من المالِح أو يَخْرُج من المالِحِ والعَذْب؟
أكثر المُفَسِّرين على أنَّه لا يَخْرُج إلا من المالِح، وحملوا قَوْله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢] على أنَّ المُرَادَ من مَجْموعِهِما لا من جَميعِهِما.
فَهُما إذا قلنا: عندنا بَحْران؛ عَذْب ومالِح، يَخْرُج منهما اللُّؤْلُؤ والمرجان،
(^١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٠/ ٤١٥)، وابن جرير الطبري في تفسيره (٨/ ٧٢٣، ٧٢٧)، والبيهقي (٩/ ٢٥٥).
1 / 104