98

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

فنَقُولُ: أمَّا الذُّلُّ فهُوَ أمْرٌ مَعنَويٌّ، والإنسَانُ إِذَا لَمْ يَذِلَّ تَرفَّع وعَلَا بنَفْسِهِ، فقَال: اخفِضْ جَنَاحَ الذُّلِّ، بدَلَ جَنَاحِ التَّرفُّعِ، وذَكَرَ الجَنَاحَ؛ لأنَّهُ هُوَ الَّذِي يَطِيرُ بِهِ الطَّيرُ إِلَى السَّماءِ، فالْآيَةُ واضِحَةٌ أن المعْنَى تطَامَن للوَالدِينِ، وتَذَلَّلْ لهما، واخفِضْ لهُمَا الجنَاحَ، وهَذَا غَايَةُ مَا يَكُونُ مِنَ التَّذلُّل لهُمَا. فإِنْ قَال قَائِلٌ: مَا المَحْذُورُ الشَّرعيُّ فِي إثبَاتِ المجَازِ إِذَا قُلْنَا بالمجَازِ؟ فالجَوابُ: أوَّلُ مَحذُورٍ: أن المجَازَ باتِّفاقِ القَائِلِينَ بِهِ يَصِحُّ نَفْيُهُ، وهَذَا يَعْنِي: أنَّهُ يَصِحُّ تكذِيبُ القُرآنِ، فيَقُولُ مَثَلًا: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ الجِدَارُ لَيس لَهُ إرادَةٌ)، وهَذَا لَا يَصِحُّ؛ ولهَذَا اعتَمَدَ الشِّنْقيطيُّ ﵀ هذ الحُجَّةَ اعتِمادًا قويًّا، قَال: أبرَزُ عَلَامَاتِ المَجَازِ أنَّهُ يَصِحُّ نفْيُه، وليسَ فِي القُرآنِ شَيءٌ يَصِحُّ نفْيُه (^١). ثَانيًا: أن هَذَا المجَازَ الَّذِي سَمَّاهُ ابْنُ القَيِّمِ ﵀ (^٢) طَاغُوتًا تَوصَّلوا بِهِ إِلَى إنْكَارِ الصِّفاتِ، وقَالُوا: اليَدُ مَجَازٌ عَنِ النِّعمَةِ، والاستِوَاءُ مجَازٌ عَنِ الاستِيَلاءِ، والعَينُ مجَازٌ عَنِ الإحَاطَةِ، وهَلُمَّ جرًّا، ومَنْ قَال: إنَّ شيخَ الإسلَامِ وابْنَ القَيِّم أَنْكَرَا ذَلِكَ - وشدَّدَا فِي الإنكَارِ- لأَنَّ أهْلَ التَّعطِيل تَوصَّلُوا بالمجَازِ إِلَى إنكَارِ الصِّفاتِ-، فهَذَا كذِبٌ علَيهِما، بَلْ هُمَا أَنكَرَاه مُطْلَقًا حتَّى فِي أبْسَطِ الأشيَاءِ. فإِنْ قَال قَائِلٌ: مَا الرَّدُّ عَلَى القَائِلِينَ بأَنَّ المجَازَ يَدُلُّ عَلَى فصَاحَتِهِ وإعْجَازِ القُرآنِ؟ فالجَوابُ: هَذَا غلَطٌ، كيفَ يَدُلُّ عَلَى فصَاحتِهِ وهُوَ يَصِحُّ أَنْ يُنفَى ويكذَّبَ.

(^١) انظر: منع جواز المجاز (ص: ٧). (^٢) انظر: مختصر الصواعق المرسلة (ص: ٢٨٥).

1 / 102