Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf
تفسير العثيمين: الزخرف
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ حتَّى فِي غَيرِ الغِنَى، حتَّى فِي الذَّكاءِ، حتَّى فِي الصِّناعَةِ، فتَجِدُ رَجُلًا مَثَلًا عنْدَهُ خِبرَةٌ فِي الصِّناعَةِ يَأتِي بالعُمَّالِ هُوَ فَوقَهُم، كذَلِكَ فِي الذَّكاءِ يَجْلِسُ مَعَ قَومٍ ويَتحَدَّثُ إليهِمْ بذَكائِهِ المُفرِطِ، وهُمْ دُونَ ذَلِكَ، فيَرفَعُهُمُ اللهُ.
المُهمُّ: أنَّهُ لَا يجوزُ أَنْ نُخصِّصَ عُمُومَ القُرآنِ إلا بدَلِيلٍ.
وقَولُهُ ﵀: [اليَاءُ للنَّسَبِ] أَي: لنَسَبِ التَّسخِير.
وقَولُهُ: [قُرِئَ بكَسْرِ السِّينِ] المُفسِّر لَهُ اصطِلَاحٌ لَا بُدَّ أَنْ نَفهَمَهُ، إِذَا قَال: (وفِي قِرَاءَةٍ) فهِيَ سَبْعيَّةٌ، وإِذَا قَال: (قُرِئَ) فهِيَ شَاذَّة؛ هَذَا اصطِلَاحُهُ، فهُنَا يَقُولُ: [قُرِئَ بكَسْرِ السِّينِ]، فتكُونُ القِرَاءَةُ شَاذَّةً خَارِجَةً عَنِ القِرَاءَاتِ السَّبْعِ، وهَذَا هُوَ الصَّوابُ أنَّها قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ؛ لأنَّ السِّينَ بالكَسْرِ الاستِهْزَاءِ، كَمَا قَال ﷿: ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾ [ص: ٦٣]، فقَال ﷾: ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا﴾ أَي: هُزُءًا.
وأمَّا بالضَّمِّ (سُخْريًّا) فهُوَ مِنَ التَّسخِيرِ، يَعْنِي: التَّذلِيلِ؛ إذَنِ: المُناسِبُ هُنَا الضَّمُّ؛ لأَنَّهُ مِنَ التَّسخِير لَوْلَا اختِلَافُ النَّاسِ هَذَا الاختِلَافَ لتَعطَّلَتِ المَصَالِحُ، فلَوْ كَانُوا كُلُّهم أغنيَاءَ فَلَا أحَدَ يَقُومُ بالعَمَلِ؛ لأنَّهُ إِذَا طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَعْمَلَ قَال لَهُ: إِذَا كَانَ عِنْدَكَ ألْفُ رِيالٍ أنَا عِنْدِي أَلفانِ. وكذَلِكَ أيضًا بَقِيَّةُ الأوْصَافِ لَولَا هَذَا الاختِلَافُ مَا قَامَتِ الدُّنيَا أبَدًا، وهَذَا مِنْ حِكْمَةِ اللهِ ﷿.
ثُمَّ هُنَاكَ حِكْمَةٌ أُخْرَى وهِيَ أَنْ يُعرَفَ بهَذَا قُدْرَةُ اللهِ ﵎ حيثُ جَعَلَ هَذَا البَشَرَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وبقُوَّةٍ وَاحِدَةٍ، ومَعَ ذَلِكَ يَتَفَاضَلُون تَفاضُلًا كَبِيرًا فِيمَا أَعطَاهُمُ اللهُ ﷿ مِنَ الغِنَى وغَيرِهِ.
1 / 132