Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
12

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

فمِنْ آثَارِ القُرآنِ الكَرِيمِ إذَن: أن مَنْ تَمسَّكَ بِهِ فهُوَ مَنْصُورٌ، والشَّاهِدُ ما سبَقَ لسلَفِنا الصَّالحِ. وهُوَ أيضًا مُبارَكٌ في ثوابِهِ: فالحَرْفُ الوَاحِدُ فِيه حسَنَةٌ، والحسَنَةُ بعَشْرِ أمثَالِهَا، ومَا أكْثَرَ حُروفَ القُرآنِ! وبهَذه المُناسبَةِ عَرَضَ عَليَّ فِي الرِّياضِ فِي الأُسْبُوعِ المَاضِي إنسَانٌ ورقَةً مَكتُوبٌ فِيهَا: الإعجَازُ العدَديُّ في القُرآنِ، جدْولٌ ذُكِرَ فِيهِ أن جَمِيعَ حُرُوفِ القُرآنِ كُلُّها تَقبَلُ القِسْمَةَ عَلَى تِسعَةَ عَشَرَ إذَا جُمِعتْ، ولكِن هَذَا افتِرَاءٌ عَلَى اللهِ ﷿، ومُنَاقِضٌ للوَاقِعِ، ولَا يَجُوزُ تَداوُل هذ البطَاقَةِ؛ لأنَّهُ لا يُمكِنُ لإنسَانٍ أَنْ يَشْهَدَ أن اللهَ تعَالى تَكلَّمَ بالقُرآنِ بحَيثُ تكُونُ حُرُوفُه مُنقسِمَةً عَلَى تِسعَةَ عَشَرَ، مَنْ يَقُول هَذَا؟ ! لكنَّهُ افتِرَاءٌ عَلَى اللهِ ﷿. ثُمَّ إنَّ حُروفَ القُرآن الكرِيم لَا يُمكِنُ أَنْ يُقَال: إنَّها تَنقَسِمُ عَلَى تِسعَةَ عَشَرَ مَعَ اخْتلَافِ القِرَاءَاتِ؛ فمَثَلًا ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: ٦]، والقِراءَةُ الثَّانيَةُ "فتَثبَّتُوا" إذَنِ اختَلَّتْ؛ أَتَتِ الثَّاءُ بدَلًا عَنِ البَاءِ "فتَثَبَّتُوا" وبدَلًا عَنِ النُّون، فاخْتَلَّتِ القِسْمَةُ. كذَلِكَ في القُرآنِ الكَريمِ: "مَلِكِ يَومَ الدِّينِ" ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤] اختَلَّتْ؛ زَادَ حَرْفٌ. لكِنْ هَؤُلاءِ المَشغُوفُون بِمَا يَدَّعُون أنَّهُ ذكَاءٌ، وأنَّهُم اطَّلَعُوا عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيهِ أحَدٌ يَأتُون بمِثْلِ هَذه الخُرافَاتِ؛ ليَصُدُّوا النَّاسَ عَنِ المَعْنَى الحَقِيقِيِّ الَّذِي جَاءَ مِنْ أَجْلِهِ القُرآنُ، فهَلِ القُرآنُ جَاءَ ليُحصِيَ النَّاسُ العَددَ ويُقسِّمُونه عَلَى تِسعَةَ عشَرَ؟ لَا، واللهِ! ولَا يُمكِنُ أَنْ يَنزِلَ القُرآنُ الكَرِيمُ مِنْ أَجْلِ هَذه المُعجزَةِ كَمَا يَقُولُون، مَعَ أنَّهَا ليسَتْ مُعجِزَةً، فهَي فَاشِلَةٌ باطِلَةٌ.

1 / 16