251

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٧ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ لكن هل هذا العَفْوُ غيرُ مضمونٍ، والدَّليلُ قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النِّساءِ: ٤٨]، فلا يَأْخُذْكَ الأمْنُ من مَكْرِ اللهِ أن تقولَ: إنَّ هذا الذَّنْبَ ممَّا يعفو اللهُ عنه وَتَفْعَلُ الذَّنْبَ، هذا غرورٌ واغترارٌ؛ لأنَّ قَوْلَه: ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ مُقَيَّدٌ بقوْلِه: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النِّساءِ: ٤٨].
قال المفسِّرُ: [وهو تعالى أَكْرَمُ من أن يُثَنِّيَ الجزاءَ في الآخرةِ]. مرادُهُ ﵀ أن المصائِبَ الَّتي تُصِيبُنا بذُنُوبِنا لا نُعَاقَبُ على ذنوبِنا في الآخرةِ، تكفي المصائبُ، هذا ظاهرُ الآيةِ؛ لأنَّ قولَهُ: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ يَدُلُّ على أنَّ هذه المُصِيبةَ هي الجزاءُ، وإذا كانت هي الجزاءَ فَلَنْ يُثَنِّيَ اللهُ الجزاءَ في الآخرةِ؛ لأنَّه أَكْرَمُ من أن يُثَنّيَ الجزاءَ، وهذا صحيحٌ أنَّ ما أُصِيبُ به الإنسانُ في الدُّنْيا فهو كَفَّارةٌ عن ذُنُوبِه.
إذا أُقِيمَ عليه الحَدُّ في معصيةٍ فيها حدٌّ فهو كفَّارةٌ، إذا عُذِّرَ على ذَنْبٍ ليس فيه حدٌّ فهو كفَّارةٌ، إذا أصابتْه مُصِيبةٌ عن هذه الذُّنُوبِ فهي كفَّارةٌ، فلا يُعِيدُ اللهُ عليه العُقوبةَ في الآخرةِ إلا ذَنْبًا واحدًا وهو السَّعْيُ في الأرضِ فسادًا.
قال اللهُ تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: ٣٣].
فهذا مُسْتَثْنًى؛ وذلك لفَداحةِ هذا النوعِ من الذُّنوبِ، فإنَّ الفَسادَ في الأرضِ ليس بالأمْرِ السَّهْلِ، فَجَعَلَ اللهُ هؤلاء المحارِبين المُفْسِدين في الأرضِ لهم عُقُوبتانِ، العقوبَةُ الأولى بقطْعِ الأعضاءِ، والثَّانيةُ ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾ [المائدةِ: ٣٣ - ٣٤].

1 / 255