الآية (٤)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [الشورى: ٤].
* * *
﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ ﴿لَهُ﴾ الضميرُ يَعُودُ على اللهِ، ومعلومٌ أن ﴿لَهُ﴾ خبرٌ مقدَّمٌ، والمبتدأُ ﴿وَمَا﴾ لقولِهِ: ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾؛ لأنَّ ﴿وَمَا﴾ هنا اسمٌ موصولٌ والتقديرُ: له الذي في السَّمواتِ.
والقاعدةُ عند البُلَغَاءِ: أن تقديمَ ما حقُّهُ التأخيرُ يقتضي الحصرَ والإختصاصَ، فقولُهُ: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ يعني: لا لغيرِه كلُّ ما في السمواتِ والأرضِ فهو للهِ ربِّ العالمَين.
قال المُفسِّر ﵀: [مُلْكًا وخَلْقا وعَبِيدًا] لو بدأ بالخلقِ قبل المُلكِ لكان أحسنَ؛ لأنَّ الخَلقَ سابقٌ، والمسألةُ ليست ذاتَ أهمِّيَّةٍ كبيرةٍ، المهمُّ أنَّ له ما في السموات مُلكًا؛ يعني: أنه مالكُ أعيانِها، وخَلقًا؛ يعني: أنه خالقُها، وعَبيدًا بالمعنى القَدَريِّ يعني: أنَّ ما في السَّمَواتِ والأرضِ متذلِّلٌ للهِ تعالى، كما قال اللهُ ﷿: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣].
وقولُهُ: ﴿مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ جَمَعَها ﴿وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ أَفْرَدَها؛ لأنَّ السَّمواتِ أعظمُ من الأرضِ؛ ولهذا تجيءُ كثيرًا بلفظِ الجمعِ وتجيءُ بلفظِ الإفرادِ؛ كما في قولِهِ تعالى: