Tafsir Al-Uthaymeen: As-Sajdah
تفسير العثيمين: السجدة
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
فالجِسْمِيُّ من النَّارِ، والعياذُ بالله: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ والقلبيُّ من هذا التَّوْبيخِ، قال تعالى: ﴿ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ وأيُّ حَسْرَة للإنسانِ عندما يقال له هكذا؟ ! ألَا يتحَسَّرُ ويقول: ليتني ما كَذَّبْتُ! كيف أُكَذِّبُ؟ ! وَيتَمَنَّى!
ففيه - والعياذ بالله - من التَّوبيخِ والتَّنْديم وإدخالِ الحَسْرَةِ ما هو ظاهِرٌ؛ ولهذا قال ﷿ في آيةٍ أخرى: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ ونحن إذا فاتنا شيءٌ في قضاء الله وقَدَرِه وهو مما يَسُرُّنا فهل الواحِدُ يَنْدَمُ؟
الجوابُ: يندَمُ، ويقول: ليتني فَعَلْتُ، وليتني فعلْتُ، مع أنه مَنْهِيٌّ عنه؛ لأنَّ هذا يفتَحُ عَمَلَ الشَّيطانِ، ويفتح بابَ النَّدمِ أو الإعْتِرَاض على القَدَرِ؛ ولهذا نهى رسولُ الله ﷺ عنه (^١).
فالمُهِمُّ: أنَّ هذا التَّوْبيخَ يكون عذابًا قلبيًّا، وأمَّا كونُهم يُرَدَّدُونَ: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ فهو عذاب جسمِيٌّ بدني، فهم دائمًا - والعياذُ بالله - في عذابٍ وحَسْرَةٍ ونَدَمٍ، كما قال تعالى: ﴿لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ [الزخرف: ٧٥] دائمًا وأبدًا، ليس هناك فَتْرَةُ راحةٍ؛ ولهذا يقولون: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ﴾ [غافر: ٤٩] فانظر - والعياذُ بالله - إلى الخِزْيِ والتَّقاصُرِ، فما قالوا: ادْعُوا ربَّكُمْ يَرْفَعِ العَذابَ، ولكن قالوا: ﴿يُخَفِّفْ﴾ فقط، ولَا قالوا: ﴿يُخَفِّفْ﴾ دائمًا؛ بل قالوا: ﴿يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا﴾، وهذا يدلُّ على شدَّة يَأْسِهم؛ لأنَّهُم أُيْئِسُوا من الرَّحْمة - والعياذ بالله - يتَمَنَّوْنَ، وليس لهم وجهٌ على الله
(^١) أخرجه مسلم: كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والإستعانة بالله وتفويض المقادير لله، رقم (٢٦٦٤)، من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 98