73

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

قوْله تَعالَى: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾: ﴿عَمِلُوا﴾ تشمَلُ الفعْلَ والقوْلَ، والعمَلُ الصّالح يشْمَل قوْلَ اللَّسانِ وعمَلَ الجوارِحِ، والعمَلُ الصّالح هُو ما جَمعَ بَيْنَ أمْرَينِ: - الإِخْلاص للهِ ﷿. - والمتَابَعَة لرَسُولِهِ ﷺ. فقولُه تَعالَى: ﴿آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ مِن هَذيْن الأمْرَيْنِ إيمانٌ وعمَلٌ، ومجردُ الإِيمَان لا ينْفَعُ بدُونِ عمَلٍ، وَالعمَلُ بدُونِ إيمانٍ أيْضًا لا ينْفَعُ، بلْ لا بُدَّ مِن إِيمانٍ وعمَلٍ، وَبِهذَا نعْرِفُ أنَّ بعْضَ النّصوصِ المطْلَقَةِ التي فيها الوَعْدُ بالجنَّةِ لمنْ كَانَ في قلْبِهِ أدْنَى حَبَّةِ خرْدَلٍ مِنْ إِيمانٍ ومَا أشْبَهَ ذَلِك أنَّ المرادَ الإِيمَان المتضمِّنُ للعَملِ تحقِيقًا أو تقْديرًا، تحقِيقًا بأنْ يكُونَ عامِلًا فعْلًا، وتقْدِيرًا بأنْ يكُونَ لم يتمَكَّنْ مِن العمَلِ، ولكِن مَعه الإيمَان، كَما لَوْ آمَن عنْدَ قُرب وفَاتِهِ مثْل الأصَيْرِم مِن بَنِي عبْدِ الأشْهَل قصَّتُه معروفَةٌ في أُحُدٍ (^١). وقوْله تَعالَى: ﴿فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾: جمْلَة اسْميَّةٌ، للدّلالَةِ عَلَى الثّبوتِ

(^١) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أنهُ كَانَ يَقُولُ: حَدِّثُوني عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الجنّةَ لَمْ يُصَلّ قَط؟، فَلَمّا لَمْ يَعْرِفْهُ النّاسُ سَألوهُ مَنْ هو؟ فَقَالَ: أُصَيْرِمُ بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ، عَمْرُو بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ، قَالَ الحصَيْنُ: فَقُلْتُ لمِحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: كَيْفَ كَانَ شَأْنُ الأصَيْرِمِ؟، قَالَ: كَانَ يَأبي الإسْلَامَ عَلَى قَوْمِهِ، فَلما كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَخَرَجَ رَسُولُ الله ﷺ إِلَى أُحُدٍ، بَدَا لَهُ الإسْلَامُ فَأَسْلَمَ، فَأَخَذَ سَيْفَهُ فَغَدَا حَتَّى أَتَى القوْمَ، فَدَخَلَ في عُرْضِ النّاسِ فَقَاتَلَ حَتَّى أثبَتَتْهُ الجرَاحَةُ، فَبَيْنَمَا رِجَالُ بَنِي عَبْدِ الأشْهَل يَلْتَمِسُونَ قَتْلَاهُمْ في المعْرَكَةِ إِذَا هُمْ بِهِ، فَقَالُوا: وَالله إِنَّ هَذَا لَلْأُصَيرمُ وَمَا جَاءَ، لَقَدْ ترَكْنَاهُ وَإِنَّهُ لمنكر هَذَا الحدِيثَ، فَسَألوهُ فَقَالُوا: مَا جَاءَ بِكَ يَا عَمْرُو؟، أَحَرْبًا عَلَى قَوْمِكَ أَوْ رَغْبةً في الإسْلَامِ؟، فَقَالَ: بَلْ رَغْبةً في الإسْلَامِ، آمَنْتُ بِالله وَرَسُولِهِ وَأَسْلَمْتُ، ثُمَّ أخَذْتُ سَيفي فَغَدَوْتُ مَعَ رَسُولِ الله ﷺ فَقَاتَلْتُ حَتَّى أَصَابَنِي مَا أصَابَنِي، ثُمَّ لم يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ في أَيْدِيهِمْ، فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ الله ﷺ، فَقَالَ: "إِنَّهُ لمِنْ أَهْلِ الجنَّةِ"، أخرجه أحمد (٣٩/ ٤١، رقم ٢٣٦٣٤) طبعة الرّسالة.

1 / 79