59

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

قوُلهُ ﵀: [وَالمرَادُ بِها جهَنَّم وَإِسَاءَتَم ﴿أَنْ﴾ أَيْ بِأَنْ ﴿كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ القرْاَنِ ﴿وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾]: بَيَّنَ لنا المُفَسِّر أنَّ العاقِبَةَ أنَّهُم عُذِّبُوا بالنّارِ، وأنَّ المصْدَر في قوْلِه تَعالَى: ﴿أَنْ كَذَّبُوا﴾ عِلَّة لكَوْنِ عاقِبَتِهم السّوءَ، أيْ لأَنَّهم كذَّبُوا بآياتِنا، لكِنَّ المُفَسِّر أَتى بـ (الباءِ)، والباءُ تكُونُ للسَّبَبِيَّةِ وللتَّعْلِيل، والمعْنَى واحِدٌ، أيْ كانَتْ عاقبِتُهم السّوأَى لأنَّهم كذَّبُوا بآياتِ الله، هَذا بِالنّسْبَةِ لأخْبَار الآيات كذَّبُوا بِها، وقَالُوا ليْسَتْ بِصَحِيحَةٍ، وبِالنّسْبَةِ للْعَمَل ﴿وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾، فجَمَعُوا بيْنَ الاسْتِهْزَاءِ بالأحْكَامِ والتكْذِيبِ بالأخْبَارِ وَهَذا الَّذي ذَهَب إِلَيْهِ في إِعْرَابِ ﴿أَنْ كَذَّبُوا﴾ أحدُ الأوْجُهِ أيْضًا؛ لأَنَّ هناكَ وجهًا آخَرَ يقُولُ: إِنَّ قوْلَه تَعالَى: ﴿أَنْ كَذَّبُوا﴾ بَدل مِنَ السّوأَى، أوْ بَيان لَها، وَيكُونُ المعْنَى أسَاؤُوا السّوأَى، وهُوَ تكذِيبُهم فيَكُون عاقِبتَهم إِذَن التكذيب والاستهزاءُ. وعَلَى كُلِّ حَالٍ: سواءً قُلْنا أنَّها بدَلٌ أو عطْفُ بَيان مِنَ السّوأَى، أوْ: أنَّها لِلتَّعْلِيلِ في ثُبوتِ السّوأَى لهم فإِنَّهُ يدُلُّ عَلَى أنَّ هَؤُلاءِ كانُوا مُكَذِّبينَ ومُسْتهزِئِينَ مُكَذِّبِينَ بالخبَرِ ومُسْتهزِئينَ بالحكْمِ، يتَّخذُونَ آياتِ الله هُزُوًا في الأحْكامِ وكَذِبًا بالأخْبارِ، فتَجِدُهم مَثَلا في صَلاتِهم عنْدَ البيْتِ يُصَلُّون مُكَاءً وتَصْدِيَة، ويسْخَرُونَ مِن الَّذِين آمَنُوا، ومَا إِلَى ذَلِك فيتَّخِذُونَه هُزُوًا. قولُه ﵀: ﴿أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ القرآن]: فِيه نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لأَنَّ الآية عامَّة، فتَشْمَلُ مَن كذَّبَ بآياتِ الله بالقرآنِ بعْدَ بعْثَةِ الرّسُولِ ﷺ، ومَنْ كذَّب بالتّورَاة في زَمَن مُوسَى، وبالإنْجيلِ في زَمن عِيسَى، فالصّوابُ في الآية العُمُوم. بَل لَوْ قِيلَ: لا يَدْخُل فِيها مَنْ كَذَّب بالقرآنِ لكَانَ لَهُ وجْهٌ، يعْنِي لَوْ قِيلَ: إِنَّ الأمْرَ عَكْسُ مَا قَالَ المُفَسِّر ﵀ لأَنَّ الله ﷿ قَالَ: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا

1 / 65