175

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

قالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ المُسْتَقِيمُ تَوْحِيدُ الله]، ﴿ذَلِكَ﴾ المُشارُ إِلَيْهِ قوْلُه تَعالَى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ﴾ أيْ: إِقامَةُ وجْهِك لِلدِّين حنِيفًا هُو الدِّينُ القَيِّمُ، قالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿الْقَيِّمُ﴾ المُسْتَقِيمُ]، لكِنَّ (القَيِّم) أبْلَغُ لأَنَّ القَيِّمَ عَلَى وزْنِ (فَيْعِل)، فهِي صفَةٌ مشبِّهَةٌ يَعْني هُو قَيِّمٌ، أبلَغُ مِن قوْلِنا أنَّه مستَقيمٌ؛ لأَنَّ المستَقِيمَ ضِدَّ المعوَجِّ، لكِنَّ القيِّم الكامِلَ في قِيَامِه فهُوَ أبْلَغُ، يعْنِي أنَّ هَذا الدِّينَ هُو الدِّينُ القَيِّمُ، أي الكامِلُ الَّذِي ليْسَ فِيه اعْوِجاجٌ، وَلَيْس فِيه نقْصٌ ولا شَكَّ أنَّه هُو القَيِّمُ، كَما قَال الله تَعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: ٥٠]، فلَا أقُومُ لِلْعبادِ وَلا أنْفَعُ لِلْعِبادِ مِنَ اتِّبَاعِ شَريعَةِ الله تَعالَى.
قالَ المُفَسِّر ﵀: [﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ أيْ كُفَّارُ مَكَّةَ، ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ تَوْحِيدُ الله]، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ قَال المُفَسِّر ﵀: [كُفَّار مكَّةَ]، وَهَذا لا شكَّ أنَّه تخْصِيصٌ بدُونِ دَليلٍ، بَل الدَّليلُ يُخالِفُه؛ لأَنَّ كُفَّار مكَّةَ ليْسُوا أكْثَر النَاسِ، ثمَّ إِنَّ الله يقُولُ: ﴿أَكْثَرَ النَّاسِ﴾، مَا قَال: أهْلُ مكَةَ، ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ وصدَق الله ﷿؛ لأَنَّ أهْلَ النّارِ مِنْ بَنِي آدَم تسْعُمِئَةٍ وتسعَةٌ وتِسعُونَ مِن الألفِ، فهُم الأَكْثَرُ، أكثَرُ النّاسِ لا يعْلَمُونَ، لَو علِمُوا ما كَانُوا مِنْ أصْحابِ الجحِيم، فهُمْ لا يعْلَمُون.
ومَا معْنَى قوْلِه تَعالَى: ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾، أيْ: لَا يعْلَمُونَ أنَّ هَذا هُو الدِّينُ القَيِّمُ، أوْ لا يعْلَمُون مَا ينْبَغِي لهُم أنْ يكُونُوا علَيْه، أمْ مَاذا؟
نقولُ: الآيَةُ مُطلَقَةٌ، فتشْمَل كُلَّ شيْءٍ يُنافِي هَذا الدّينَ، فمَن خَرَج عَنْ هَذا الدِّين فإنَّهُ لا يعْلَمُ أنَّ هَذا الدِّينَ قَيِّمٌ، وإِنْ عَلِم بِه ولم يتْبَعه صَار علْمُه كالمعدُومِ، كَذَلِكَ لا يعْلَم حَقِيقةَ أمْرِه وحالِه، وأنَّه يجِبُ أنْ يكُونَ دائِنًا لله ﷿ بِما دَان بِه خلْقَه،

1 / 181