Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
وهَلْ يُستَفادُ مِن هَذهِ الآيةِ الكَريمَةِ اسْتِعْمالُ قِياسِ الأَوْلى في حَقِّ الله، فنَقولُ: كُلُّ صَفَةِ كَمالٍ في المخْلُوقِ فالخالِقُ أَوْلى بِهَا؟
نَعم، شيْخُ الإسْلام ﵀ يُقرِّرُ هَذا، بأنَّ استِعْمالَ قِيَاسِ الأَوْلى في حَقِّ الله جَائِزٌ، أمَّا قِياسُ التَّمْثيلِ وقياسُ الشُّمولِ فهذَا مُمتنِعٌ؛ لأَنَّهُ هُو التَّشْبيهُ، فإِذا قُلْنا: كُلُّ صفَةِ كَمالٍ في المخْلُوق فالخالِقُ أَوْلى بِها صَحَّ، لكِنْ يَجِبُ أنْ نعلَمَ أنَّ صِفَاتِ المخْلُوقِ الكامِلَةَ التي تُكَمِّلُ نقْصَهُ فَهِي كامِلَةٌ في حقِّه، لكِنْ لتكْمِيلِ نقْصِه، فَهَذهِ لا يُوصَفُ الله بِها، يَعْني هِي كامِلَةٌ في حقِّ المَخْلوقِ، لكِنْ لتكْمِيلِ نقْصِه؛ فإِنَّ الخالِق لا يُوصَفُ بِها؛ لأنَّهَا وإِنْ كَانت كامِلَةً فَهِي في الوَاقِع نقْصٌ، مِثْلُ الأَكْل والنَّوم والنكِّاحِ، ومَا أشْبَه ذَلِك، فهَذِهِ الصِّفاتُ في حقِّ المخلُوقِ صفَةُ كَمالٍ؛ لأَنَّ الَّذِي لا يأْكُل معْنَاه أنَّه مرِيضٌ، والَّذِي لا ينَامُ معْنَاه أنَّه مرِيضٌ، والَّذي لا يتزَوَّجُ معْنَاه أنَّه مرِيضٌ، ففَواتُ هَذِهِ الصِّفاتِ نقْصٌ في المخْلُوقِ، لكِنَّها لما كانَتْ تَكْمِيلًا لنقْصِه صارَتْ لا يُوصَفُ بِها الخالِقُ لحاجَةِ الإِنْسانِ إِلَى الأكل صَار يأْكُل، والَّذِي لَا يشْتَهِي ولَا يأْكُل آخِرُه المَوْت، وَكَذلِكَ لمَّا كانَ الإنْسانُ يتْعَبُ ويحْتَاجُ إِلَى صِفَةٍ تقْطَعُ هَذا التّعبَ ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾ [النّبأ: ٩]، صَار النَّوْم في حقِّه كَمالًا، وَكَذلِكَ لمَّا كانَ الإِنْسانُ محُتَاجًا إِلَى بقَاءِ النَّسْل والنَّوْع صارَ النِّكَاحُ في حقِّه كَمالًا، فَهُو في الحقِيقَةِ تكْمِيلٌ لنَقْصٍ، لكِنْ لَا يُوصَفُ الله بِه ﷿؛ لأَنَّ الله كامِلٌ مِن جَمِيع الصِّفاتِ.
لَوْ قالَ قَائِلٌ: إنَّ الصِّفاتِ توْقِيفيَّةٌ، ولوْ فتَحْنا هَذا البابَ - كَما قَالَ شيخُ الإسْلام ﵀ باسْتِعمال قِيَاسِ الأَوْلى في حَقِّ الله لكَانَ كُلُّ إِنْسَانٍ يَقِيسُ بعَقْلِه ويُخْطِئُ؛ لأنَّهُ قدْ يظُنُّ أنَّ هَذا كَمالٌ، وهُو ليْسَ بِكَمَالٍ؟
قُلْنَا: يَرِد عليْنا هَذَا، لكِنْ نقُولُ: كُلُّ صفَةِ كَمالٍ مِن حيْثُ العُمُومُ والجِنْس
1 / 155