Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml
تفسير العثيمين: النمل
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
[أمْ كَذَبْتَ] فِعلٌ، والفِعْل قد يَكُونُ مرَّة لكِن ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ هَذَا وصفٌ يَدُلّ عَلَى استمرارِ الكذِبِ فيه، هَذَا ما قَرَّرَهُ المُفَسِّر ﵀.
وعندي: أن فِي تعبير سُلَيمان للهدهد لَبَاقَة؛ لِأَنَّ مُصارَحَتَه ومقابلته بِقَوْلِهِ: [أمْ كَذَبْتَ] أَشَدُّ وقعًا من قوله: ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾، يعني أن قوله: ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ أهونُ مِمَّا لو قَالَ: أم كذبت، فهي فِي الحقيقة من جِهَةٍ أشدّ، وهَذَا بالنظر إِلَى أن قوله: ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ وصفٌ لازِمٌ، ومن جهة المخاطبةِ أهونُ من قولِه: أمْ كَذَبْتَ، فهَذَا وجهُ الاختلافِ بين قولِه: ﴿أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾، وقول المُفَسِّر: [أم كذبتَ]، وكلُّ قولٍ له وجهٌ، لا تعارضَ بينهما.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل يَحِقُّ لسُلَيْمَان أنْ يَصِفَ الهدهدَ بمجرَّدِ هَذَا الفِعْل وصفًا مُطْلَقًا بالكذِبِ؟
فالجواب: المُرادُ بالكاذبينَ الَّذِينَ مِن دَأْبِهِمُ الكذِبُ، فكون هَذَا من الكاذبينَ إمَّا أَنَّه من دأبِهِ الكذِب أو فِي جُمْلتِهم، وقد يكذِب مرَّةً واحدةً، وسُلَيْمَان أيضًا ما وَصَفَهُ؛ لِأَنَّهُ قال: ﴿أَصَدَقْتَ﴾ مقابل قوله: ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ فلا يُعلم هل يَكُونُ مُتَّصِفًا بِقَوْلِهِ: ﴿أَصَدَقْتَ﴾ أو بِقَوْلِهِ: ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾، فما وَصَفَهُ، بل هُوَ مُتَرَدِّدٌ، يُنْظَر، لكِنْ لو ثَبَتَ الكذبُ فهل يَحِقُّ أنْ يُوصَف بأنه من الكاذبينَ؟
الجواب: لا يَحِقّ أنْ يُوصَف بأنه من الكاذبينَ المتَّصِفين بها دائمًا، ولكِن -كما تَقَدَّمَ- هَذَا من بابِ التلطُّف فِي الخِطاب، فكونه من الكاذبينَ هَذَا أشدُّ إذا كَانَ وَصْفه الكَذِب، وكونه لم يُخاطِبْه وقال: أمْ كذبتَ يَكُون أهونَ، مثل قول إبراهيم ﷺ للضيوف: ﴿سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ [الذاريات: ٢٥]، لم يقل: أُنْكِرُكُم، لا أَعْرِفكم، بل قَالَ: ﴿سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ وهَذَا من بابِ التلطُّفِ فِي التعبيرِ.
1 / 166