Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
14

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

بِنُقْصَانِه، وهَذَا معلومٌ حَتَّى فِي المحسوسِ، تجد أن الشَّيْء المعلَّق بشيء يزيد بزيادتِه، ويَنْقُص بنُقصانِه، فنَقُول: كلَّما ازداد الْإِنْسَان إيمانًا ازداد اهتداءً بالْقُرْآن، ويدلك عَلَى هَذَا قول الله تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤)﴾ [التوبة: ١٢٤]، ويدل أيضًا عَلَى هَذَا قولُه تَعَالَى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ [المائدة: ١٣]. وأيضًا ﴿وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ البِشَارَة هِيَ الإخبارُ بما يَسُرُّ، وقد تُطْلَق عَلَى الإخبارِ بما يَسُوء، لكِن بقرينةٍ. وهنا يَقُول ﵀: بُشرى بالجنَّة، ولكِن الصَّحيح أَنَّهَا بُشرى بما هُوَ أعمُّ؛ بالجنَّة وبالعزَّة والكرامة وبالنصرِ، والدَّلِيل قوله تَعَالَى فِي سورة الصفِّ بعدما ذكر الجنة لِلْمُؤْمِنيِنَ: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ﴾ [الصف: ١١، ١٢]، ثُمَّ قَالَ: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [الصف: ١٣] ثُمَّ قَالَ: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الصف: ١٣]، يَعْنِي: بَشِّرهم بما لهم فِي الجنَّة، وبَشِّرْهُم بما لهم فِي الدُّنْيا مِنَ النصرِ، وكلُّ إِنْسَانٍ بطبيعتِه البَشَرِيَّة يحبّ أنْ يَنتصِرَ عَلَى عدوِّه، ويحب أن يَكُون له العزُّ والكرامة، هَذَا لا يمكِن أن يَكُون إِلَّا بالإِيمانِ، وكلَّما ازددنا إيمانًا ازددنا انتصارًا عَلَى عدوِّنا، وكلَّما تَخاذَلْنَا فِي الإِيمانِ خُذِلنا، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١]. وإذا أردنا دليلًا عَلَى هَذَا فلننظُرْ إلَى الَّذِينَ يُطَنْطِنُونَ بالقوميَّة العربيَّة، منذُ مَتَى وهم يطنطنون بها؟ أظنُّه من أوَّل القرن، ومع ذلك لا يزدادونَ إِلَّا تأخُّرًا وضعفًا؛ لِأَنَّهَا ليست

1 / 18